15 سبتمبر 2025

تسجيل

لعلكم تتقون (1)

09 يوليو 2014

الصوم حرمانٌ مشروع وتأديب بالجوع وطاعة لله وخضوع ثمرته تقوى الله والانكسار والخشوع والشعور بمعاناة كل عفيف متعفف قنوع، فيا سعادة من صامه وقامه وعمره بالتلاوة والسجود والركوع. خاطب العظيم عباده بقوله: (يا أيها الذين آمنوا) وهذا خطاب من الباب العالي لأهل الإيمان والمعالي، لأنه خطاب موجه لمن آمن وهل هناك أغلى أو أعلى من الإيمان بالله؟ أما الفريضة التي أوجبها فهي الصيام والصيام لا عدل له. والإيمان غيب والصيام سر بين العبد وبين ربه. وكأن قائلاً وقف ليقول لماذا الجوع ولماذا العطش؟ فتأتي الإجابة والثمرة (لعلكم تتقون) والتقوى كلمة عظيمة وثمرة مقصودة لا قبول إلاّ لأهلها قال تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) لم يقل إنما يتقبل من الصائمين ولا من المصلين ولا.... وإنما قال: (من المتقين) ولا عجب فالتقوى هي الثمرة وهي الخلاصة والنتيجة المرجوه من وراء كل طاعة وعبادة، وربنا سبحانه أراد أن يذكر فلا ينسى وأن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر فشرع هذه الطاعات ومراده التقوى له سبحانه. ولذلك قال علي رضي الله عنه: (ليكن اهتمامك بالتقوى أكثر من اهتمامك بالعمل فإنه لن يقل عمل مع التقوى وكيف يقل عمل قد تقبله الله )، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: لأن أعلم أن الله تقبل مني صلاة واحدة فذلك خير لي من الدنيا وما فيها!! قالوا له يرحمك الله — صلاة واحدة؟! قال نعم لأن الله يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين ). لعلكم إخواني وأخواتي تشوقتم إلى معرفة حقيقة التقوى وفحواها، وهذا كلام ابن القيم رحمه الله يجلّى حقيقتها حيث قال هي: (العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً أمراً ونهياً، إيماناً بالأمر وتصديقاً بالوعد، بترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنهي وخوفاً من الوعيد مع ضرورة أن يكون كل ذلك عن علم ووعي وهنا نذهب لقول طلق بن حبيب رحمه الله عليه حيث قال: (إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى )، فقيل له: وما التقوى؟ فقال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله ). والعمل لا يكون طاعة حتى يكون مصدره الإيمان وباعثه الإيمان وليس العادة أو الهوى أو طلب المحمده أو الجاه بل لابد أن يكون مبدؤه محض الإيمان وغايته ثواب الديان وابتغاء الرضوان... جعلني الله وإياكم من المتقين.. ونتواصل..