30 أكتوبر 2025

تسجيل

الهجرة لدار الخلافة!

09 يوليو 2014

في أول ظهور له من على منبر الجمعة أكد زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو بكر البغدادي أنه ابتلي بالأمانة الثقيلة، من خلال تنصيبه إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان، ودعا الناس إلى مبايعته، مستشهدا بخطبة الخليفة أبي بكر الصديق عند تنصيبه أول خليفة للمسلمين، كما طالب المسلمين بالهجرة إلى دولته، وأنها واجبة على 1200 مليون مسلم في أنحاء الكرة الأرضية بلا استثناء، ورغم أن الحديث يحمل الكثير من الهزل والسخرية، إلا أن من هناك من يتعامل معه بجدية كبيرة ويروج له ويدعمه بالمال والسلاح والعتاد والرجال والدعوات والخطب الدينية أو حتى بأضعف الإيمان هو السكوت عن قول كلمة حق.لكن هل سيكون المسلمون الذين سيقررون الهجرة أكثر سعادة في دولة الخلافة الجديدة المزعومة التي أطلقها أول خليفة على المسلمين في القرن الحادي والعشرين! على سبيل المثال يعتقد العديد من المسلمين الأمريكيين أنهم يتعرضون للتمييز من خلال سياسات مكافحة الإرهاب، التي لا زالت آثارها عالقة، لكن من جانب آخر تشير الغالبية العظمى منهم أن المجتمعات التي يعيشون فيها داخل الولايات المتحدة جيدة جداً، وأن الأمريكيين بالمجمل ليسوا عدائيين تجاه المسلمين، وأن المسلمين الأمريكيين أفضل حالا من المسلمين في أماكن أخرى، كما أظهر استطلاع مركز بيو للأبحاث في واشنطن، فما هو الوضع في دولة داعش المفترضة ؟ وما هو المستقبل غير القتل والدماء والدمار والحروب الأهلية والصراعات الطائفية والمذهبية؟في موضوع نشر قبل مدة في موقع شبكة سي إن إن إلكتروني تم التطرق إلى مسألة طبيعة الأوضاع التي يعيش فيها المسلمون ومن هم السعداء والتعساء، وورد في الموضوع أنهم ليسوا سعداء في اليمن، وهم ليسوا سعداء في ليبيا، وليسوا سعداء في قطاع غزة وليسوا سعداء في باكستان، وليسوا سعداء في سورية، كما أنهم ليسوا كذلك في أندونيسيا، ولا في الجزائر، ولا في السودان، ولا في أفغانستان ، وهم ليسوا سعداء في مصر، وليسوا سعداء في المغرب، وليسوا سعداء في العراق، ولا سعداء في لبنان ولا حتى في بعض دول الخليج النفطية! إذن أين يوجد المسلمون السعداء؟ تجدهم في أستراليا، كندا، بريطانيا، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، السويد، سويسرا، الولايات المتحدة، النرويج، هولندا، الدنمارك، لكن من الذي يلومه المسلمون بسبب تعاستهم وبسبب أوضاعهم المزرية الواضحة للعيان؟ إنهم لا يلومون قادتهم، ولا يلومون بلدانهم، ولا أنفسهم، ولا طريقه تفكيرهم، بل يلومون الآخرين والأدهى والأمر أنهم يسعون إلى تحويل المكان الذي يعيشون فيه بسعادة وأمن إلى مكان يتمتع بالبؤس والشقاء والظلم! كيف ينظر المسلمون إلى دولة الخلافة الإسلامية التي تروج لها داعش اليوم؟ يقال إن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب خرج ذاهباً إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة، وفي الطريق علم أن مرض الطاعون انتشر في الشام وقتل كثيراً من الناس، فقرر الرجوع ومنع من معه من دخول الشام، فقال له الصحابي الجليل أبوعبيدة بن الجراح: «أفراراً من قدر الله يا أمير المؤمنين؟»، فردّ عليه أمير المؤمنين: «لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة»!(نعم، نفرّ من قدر الله إلى قدر الله).