16 سبتمبر 2025
تسجيليقضي معظم الطلاب في معظم المراحل الدراسية أكثر من نصف يومه في المدرسة، فقد يبدأ يومه الساعة السادسة صباحاً ولا ينتهي إلاّ بعد الثانية ظهراً، وعندما يعود قد يتناول وجبة الغداء وحيداً ومتأخراً عن الوقت الصحي لتناول الوجبات للأطفال، وإذا ما احتاج أن ينام بعد يوم طويل تَلّقى فيه كما هائلا من المعلومات فإنه قد يفيق في وقت المغرب وسيبدأ رحلة المذاكرة اليومية وأداء الواجبات المدرسية إلى أن يأتي وقت العشاء فيتناوله وينام، هذا تقريباً جدول معظم الطلبة فأين الوقت الذي يقضونه مع أهلهم وأصدقائهم وأين الوقت لممارسة بعض الهوايات والخروج، فالطالب في دوامة وضغط قد تصل بالبعض للانهيار النفسي أو كره المدرسة وعدم الرغبة في التعليم، نظام التعليم المستمر طوال العام تقريباً وبعدد ساعات طويلة يضغط على الطلاب ولا يتيح لهم فرصة التمتع بطفولتهم، وربما بعض الأهالي العاملين يناسبهم بقاء أبنائهم في المدارس لوقت طويل نظراً لساعات دوامهم الطويلة، ولكن للأسف أن ذلك على حساب نفسية وصحة الطالب، فالطفل يجب أن يعيش طفولة سوية يتعلم فيها ولكن يلعب ويلهو أكثر، ويأكل أكلا صحيا وفي أوقات متقاربة، فالطفل الذي يخرج من منزله السادسة صباحاً وقد تناول فطوره ربما سيأكل وجبة في فترة الفسحة التي قد تكون في العاشرة صباحاً وستكون وجبته التالية بعد الساعة الثانية ظهراً، فهو وإن خرج من المدرسة الساعة الواحدة والنصف حسب القانون الجديد الصادر من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي فإن الطالب يحتاج على الأقل 40 دقيقة ليصل بيته بسبب الزحمة وربما مر على أخوته في مدارس أخرى، ففعلياً سيصل البيت مع أذان العصر في حين وجبة الغداء الصحية يجب أن لا يتجاوز وقتها الساعة الواحدة ظهراً!. من ناحية أخرى يُحرم الطالب من قضاء وقت مع أهله وأخوته وأصدقائه بسبب ضيق الوقت واحتياجه للنوم، كذلك يصعب ممارسة الهوايات التي يجب أن تكون ضمن النشاطات اليومية للطالب، فكيف سيتمكن الطالب من أداء أي نشاطات أخرى وقد أُنهك جسدياً ونفسياً وفكرياً في اليوم الطويل في المدرسة، فلا شعورياً قد يتحول البعض إلى شخصيات متمردة أو متنمرة نتيجة الضغط الدراسي، وإذا ما عملنا مقارنة بين الطالب والمعلم فنجد أنهم متساوون في وقت الدوام الطويل والإجازات تقريباً، الفرق أن المعلمين موظفون يتم دفع معاشاتهم والطلاب موظفون بدون معاشات، فلكَ أن تتخيل أن ما يتحمله الطالب يوازي ما يتحمله الموظف المعلم وأعتقد أن تلك الأعباء لا يجب أن يتحملها الأطفال، طول الحصة الدراسية أيضاً لها دور في إنهاك الطفل وفي الدراسات العلمية على طول مدة الانتباه لدى المراهقين الذين يتمتعون بصحة جيدة تتراوح بين الـ 10 -20 دقيقة، فكم من الطلاب يفقدون تركيزهم خاصة في الحصص الأخيرة من اليوم المدرسي الطويل والحصص الطويلة التي عادة ما تعتمد على التلقين وحشو المعلومات لاستكمال المنهج الدسم والطويل هو الآخر، فلا يكون هناك وقت كاف للتفاعل الطلابي والمناقشات، بل يُحرم الطلاب حتى من الحصص الخفيفة مثل حصص الرياضة والفنون الموسيقية والرسم التي كنا نستمتع بها أيام المدرسة في الثمانينيات!. وتتطلع رؤية قطر 2030 إلى «المحافظة على أسرة قوية متماسكة ونظام حماية اجتماعية فعّال لجميع القطريين ومؤسسات عامة فعالة ومنظمات مجتمع مدني قوية ونشطة»، ولكن بعض القرارات الوزارية لا تخدم تلك الرؤية فكيف تكون الأسرة قوية ومتماسكة إن كان الأطفال يقضون معظم يومهم في المدرسة وتأدية طلبات المدرسة، ولا يجدون الوقت الكافي لصحتهم النفسية وراحتهم وطفولتهم مع أهلهم!. • الأطفال والمراهقون بحاجة إلى النوم بشكلٍ كاف في أوقات النوم الصحية، وأكل صحي لبناء صحتهم وبنيتهم، ووقت للعب وممارسات الهوايات مع الأهل والأصدقاء لذلك لابد من تقسيم اليوم بشكل عادل ومناسب لنفسية الطفل الصحية. • بعض القرارات بحاجة إلى دراسة عميقة قبل تنفيذها خاصة إذا ما كانت لها انعكاسات على نفسية الأطفال والمجتمع بشكل عام.