11 سبتمبر 2025

تسجيل

الجماعة

09 يونيو 2016

لا زلنا نعيش في هذه المقالات عن الفتور وأسبابه، وذكرنا قبل ذلك أن من أسباب الفتور: 1- الغلو في الدين والتشدد فيه.2- الإسراف في المباحات.واليوم نقف عند السبب الثالث وهو: العزلة وترك الجماعة.إن من أعظم أسبب الانتكاس عن الطريق: إيثار حياة العزلة والتفرد، وترك الجماعة، ذلك أن الطريق طويل الأبعاد، متعدد المراحل، كثير العقبات، وهي لطبيعته المتقلبة في حاجة إلى تجديد، فإذا سار المسلم مع الجماعة، وجد نفسه دوما، متجدد النشاط، قوى الإرادة، صادق العزيمة، أما إذا شذ عن الجماعة وفارقها، فإنه سيفقد من يعينه على الطاعة ومن يجدد نشاطه، ويقوى له إرادته، ويحرك همته، ويذكره بربه، وهذا يقوده إلى السأمة والملل وهذا بالطبع يؤدي إلى التراخي والتباطئ، إن لم ينقطع عن العبادة مطلقا.ولعل هذا بعض السر في حرص الإسلام وتأكيده وتشديده على الجماعة، وتحذيره من مفارقتها، والشذوذ عنها إذ يقول الله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا }، { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان...}، { وأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم... }، { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وأولئك لهم عذاب عظيم } وإذ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم. (.... عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)، وقوله: (من فارق الجماعة شبرا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)، وقال كذلك: (وآمركم بالسمع والطاعة، والهجرة والجهاد، والجماعة، فإن من فارق الجماعة شبرا فمات إلا كانت ميتته ميتة جاهلية)، (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، وقد أدرك سلف الأمة ذلك فلزموا الجماعة، ورغبوا فيها، وأكدوا عليها، يقول علي رضى الله عنه: (كدر الجماعة خير من صفو الفرد) ويقول عبدالله بن المبارك: لولاالجماعة ما كانت لنا سبل ……ولكان أضعفنا نهبا لأقوانا".