04 أكتوبر 2025
تسجيليمارس القطاع العام دورا حيويا في تنشيط وتعزيز الآفاق الاقتصادية في البحرين لأسباب يمكن تفهمها. فمنذ أحداث فبراير 2011 تتطلع مؤسسات القطاع الخاص للقطاع العام لقيادة حركة الاستثمار والصرف في البلاد. الاعتقاد السائد عبارة عن استعداد مستثمري القطاع الخاص للقيام بخطوات مماثلة بشرط قيادة الحكومة. ولحسن الحظ، تتجلى إيجابيات الصرف الحكومي القوي والمستمر على معدلات النمو الاقتصادي. فحسب مجلس التنمية الاقتصادية والذي بدوره مسؤول عن السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بنسبة 5.6 في المائة في العام 2013. تزيد هذه النسبة بشكل نوعي مع ما تم تسجيله في 2012 وتحديدا 3.4 في المائة. وتبين بأن النمو المحدود للعام 2012 يعود بشكل جزئي لمسألة الخلل التي حصلت في القطاع النفطي. وسوف نعود لهذا الموضوع الحساس في الفقرات التالية. بدوره، يتوقع ستندارد تشارترد بنك تحقيق نسبة نمو قدرها 4.5 في المائة في سنة 2013 وأعلى من ذلك بقليل في 2014. وكما هو الحال مع مجلس التنمية الاقتصادية، ربط تقرير البنك موضوع تحسن النمو المتوقع بعودة الحياة لمجاريها لعملية الإنتاج النفطي. ويمكن الزعم بأن ستندارد تشارترد بنك مؤهل لتقييم أداء الاقتصاد البحريني لسبب جوهري كونه أول بنك يفتح أبوابه في البحرين. وكان البنك قد احتفل قبل عدة سنوات على مرور مائة عام لتواجده في المملكة. ولأسباب منطقية، ارتبط مجيء البنك بوجود فرص لتقديم خدمات مالية للجاليات البريطانية في الوقت الذي كانت فيه البحرين محمية بريطانية قبل نيلها استقلالها في العام 1971. وفي تطور لافت آخر، قررت مؤسسة ستندارد أن بور لخدمات التقييم تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد البحريني من سلبي إلى إيجابي. وتم ربط التطور بشكل رئيسي بإيجابيات تعزيز النفقات العامة على مجمل أداء الاقتصاد الوطني. في المقابل، تتسبب ظاهرة تعزيز النفقات العامة بحصول تطورات سلبية أخرى تتمثل في ارتفاع كل من المديونية العامة والعجز في الموازنة العامة. بل توجد خشية فعلية من تنامي المديونية العامة على خلفية تعزيز النفقات العامة. فحسب أحدث الإحصاءات المنشورة من قبل صندوق النقد الدولي وذلك بعد إجراء مراجعة للاقتصاد البحريني في وقت سابق من العام الجاري، يبلغ حجم المديونية العامة أكثر من 10 مليارات دولار أي نحو 36 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. بالعودة للوراء، شكل الدين العام قرابة 10 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008. على الأقل في الوقت الحاضر لا يشكل حجم الدين العام أي خطر قياسا بما هو مسموح به ضمن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي انطلق بداية العام 2010 بمشاركة أربع دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين. يلزم المشروع الدول الأعضاء بتقييد الدين العام عند مستوى 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن في حال استمرار نموه بنفس الوتيرة، ليس من المستبعد قفز الدين العام إلى 15 مليار دولار في 2016 وأكثر من 20 مليار دولار في 2018. ولتحاشي هذا السيناريو الخطير، شدد صندوق النقد الدولي على ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة تشمل الحد من النفقات العامة والتفكير بشكل جدي في إعادة هندسة الدعم الحكومي المقدم لبعض السلع الإستراتيجية. حقيقة القول، توفر السلطات البحرينية دعم للمشتقات النفطية مثل البترول والديزل حصول والكهرباء والماء فضلا عن اللحوم الحمراء والدجاج والطحين. اللافت في هذا الصدد، حصول كل المواطنين بغض النظر عن ظروفهم المادية والحال كذلك بالنسبة للوافدين والزوار على سلع وخدمات مدعومة. طبعا، تتحمل المالية العامة كلفة تقديم منتجات مدعومة على حساب أمور أخرى، وفي ذلك مفهوم الفرص الضائعة. إضافة إلى ذلك، أبدى تقرير صندوق النقد الدولي خشيته من تشكيل عجز الموازنة العامة ما نسبته 4.2 في المائة في العام 2013 مرتفعا إلى 8.3 في المائة 2018 من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني عمليا عدم الالتزام بأحد معايير مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي يلزم بتقييد العجز في المالية العامة عند حد 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وحسب التقرير نفسه، شكل عجز الموازنة والذي فاق عن 600 مليون دولار في العام 2012 نحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولأغراض المقارنة، بلغ مستوى العجز في الموازنة العامة قرابة 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2011 أي هو رقم غير مهم. المفاجأة من العيار الثقيل عبارة عن ورود تقارير حول حصول مشكلات في إيرادات حقل أبو سعفة النفطي خلال 2012 والربع الأول من 2013. لكن يؤكد مجلس التنمية الاقتصادية القضاء على المعضلة الفنية بدءا من الربع الثاني من العام الجاري.