03 نوفمبر 2025

تسجيل

تطور وتحسن أداء الاقتصاد البحريني

09 يونيو 2012

يواصل الاقتصاد البحريني استعادة حيويته الأمر الذي من شأنه المساهمة في مواجهة التحديات التي توجه المملكة منذ فبراير 2011 أي اندلاع الاحتجاجات المطالبة بمعالجة بعض الصعوبات السياسية. الأدلة على استعادة الاقتصاد البحريني جانب من عافيته وحيويته متنوعة بما في ذلك إبرام اتفاقيات اقتصادية مع العديد من الأطراف الدولية في الآونة الأخيرة فضلا عن توجه السلطة للأسواق الدولية لترتيب قرض كبير نسبيا إضافة إلى قيام بنك مؤسسة (سيتي بنك) بتوفير فرص عمل جديدة كمؤشر على عودة النشاط الاقتصادي واستعداد شركات نفطية عالمية بالاستثمار في القطاع النفطي. وربما بدأت عملية استعادة الاقتصاد الوطني لجانب من نشاطه بالتزامن مع عودة مسابقة الفورمولا للبحرين في النصف الثاني من أبريل من العام الجاري. وكانت البحرين قد خسرت فرصة استضافة الحديث الرياضي العالمي في 2011 على خلفية طريقة تعامل السلطات مع المحتجين المطالبين بتنفيذ إصلاحات سياسية شاملة في المملكة. من جملة الأمور ساهم الحدث الرياضي العالمي في العام الجاري في تسليط الأضواء على التحديات التي تواجه البلاد الأمر الذي عزز من مواقع المعتدلين في النظام السياسي في البحرين الراغبين في معالجة القضايا العالقة السياسية منها والاقتصادية. ولأسباب ملية يركز مقالنا على المسائل الاقتصادية. مباشرة بعد الانتهاء من سباق الفورمولا دشن ولي العهد البحريني والذي يقف وراء مشروع الفورمولا منذ انطلاقه في أبريل 2004 دشن جولة في بعض الاقتصاديات الرئيسية بدأ بكوريا الجنوبية ومرورا بالولايات المتحدة وليس انتهاء بالهند. فقد ساهمت زيارة كوريا الجنوبية بالتوقيع على اتفاقيات بين البلدين تتعلق بالتنمية والاقتصاد والتجارة. وشكلت الولايات المتحدة المحطة الثانية في جولة ولي العهد لبحث مختلف القضايا المطروحة على الساحة البحرينية. وكان لافتا نجاح الزيارة في تحقيق بعض أهدافها التجارية بسرعة فائقة عبر إعلان (شركة بوسطن للتحليلات والأبحاث العالمية) بفتح أول فرع لها في منطقة الشرق الأوسط في البحرين. تتميز الشركة بتقديم أبحاث تخص الأسواق المحلية بما في ذلك فرص نجاح السلع والخدمات والتقنية. وليس من المستبعد اختيار بأن يكون البحرين كأول مقر للشركة في المنطقة مرتبط بوجود إمكانيات بشرية محلية ووجود قوى محلية تتمتع بثقافة العمل. كما وفرت زيارة واشنطن تسليط الأضواء من جديد على اتفاقية التجارة الحرة التي تربط الولايات المتحدة مع البحرين حيث يعود تاريخ دخولها حيز التنفيذ إلى أغسطس 2006. وتعد الاتفاقية مع البحرين الأولى من نوعها للولايات المتحدة مع أي دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي وتلتها اتفاقية منفصلة مع عمان. من جملة الأمور الإيجابية تقدم الاتفاقية فرص استقطاب استثمارات أمريكية للبحرين والتي من شأنها المساهمة في حل بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد. المحطة التالية في الجولة العالمية لولي العهد كانت الهند حيث ساهمت الزيارة بالتوقيع على عدة اتفاقيات بين الطرفين وخصوصا في مجال الخدمات الإلكترونية. تعتبر الهند دولة مهمة بالنسبة للاقتصاد البحريني لأسباب عملية من قبيل تشكيل الجالية الهندية وعددهم 350 ألفا، أكثر من ربع السكان وأعلى من ثلث القوى العاملة. حقيقة القول تساهم العمالة الهندية عبر تشييد المباني وتطوير البنية التحتية فضلا عن تشكيلها قوى ضاربة في الاقتصاد المحلي. بدوره استفاد رئيس الوزراء البحريني من انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي والمتعلق بمنطقة شرق آسيا شهر مايو الماضي في العاصمة التايلندية بانكوك للحديث حول الفرص الاستثمارية الواعدة في البحرين في مختلف المجالات في الصناعية والخدمية. بمعنى آخر يلاحظ قيام القيادة السياسية في البحرين بالترويج للآفاق التي توفرها بعض القطاعات الواعدة في الاقتصاد البحرينية وخصوصا قطاع الخدمات المالية. وفي هذا الصدد كشفت احصائيات رسمية حديثة عن قيام سيتي بنك بزيادة وليس تقليص حجم العمالة خلافا لتوجه البنك في العديد من الأماكن بما في ذلك الوطن الأم أي الولايات المتحدة. وبشكل أكثر تحديدا قام البنك برفع عدد الموظفين في البحرين بواقع 52 فردا في العام الماضي رافعا عدد العاملين في البنك إلى 550 موظفا ما يعزز من مكانة قطاع الخدمات المالية في الاقتصاد البحريني. التطور اللافت الآخر عبارة عن تولد رغبة لدى السلطات المالية بالذهاب لأسواق المال العالمية لاستكشاف إمكانية الحصول على قروض بقيمة250 مليون دولار لتغطية متطلبات التنمية في إطار رؤية 2030. في المحصلة يهدف المشروع جعل الاقتصاد البحريني مميزا عبر التركيز على مواطن القوى. الشيء المميز في هذا الصدد عبارة عن حصول البحرين وعلى الرغم من كل التحديات السياسية والاقتصادية على ثقة للذهاب لأسواق المال في ظل ظروف دولية غير مؤتية. والإشارة هنا إلى تداعيات مديونية اليونان بما في ذلك المعضلات التي تواجه عملة اليورو. يبقى أنه مازال لدى البحرين متسع لرفع مستوى المديونية العامية والمقدرة بنحو 8.5 مليار دولار أي أكثر من ثلث الناتج المحلي الأجمالي بأسعار السوق. لكن ترتفع الأهمية النسبية للمديونية العامة مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة أي المعدلة لعامل التضخم. وفي كل الأحوال تقل نسبة المديونية عن متوسط 60 في المائة المنصوص عليها ضمن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي حيز التنفيذ مطلع العام 2010 في غياب الإمارات وعمان. أخيرا تبين حديثا بأن شركات النفط العالمية سوف تستثمر قرابة 20 مليار دولار في غضون 15 سنة المقبلة بغية الكشف عن احتياطي ذي كميات تجارية دونما تحمل حكومة البحرين أدنى كلفة في إطار اتفاقيات متطورة. باختصار تشير مختلف الأدلة المادية لتحسن حالة الاقتصاد وهو تطور يخدم عملية البحث عن حلول لبعض التحديات التي تواجه مملكة البحرين نظرا لترابط المسائل السياسية والاقتصادية.