14 سبتمبر 2025

تسجيل

هل قابلت يوماً أحداً يستنزفك؟

09 يونيو 2011

كثيراً ما نقابل أناساً في حياتنا نضع أيدينا بأيديهم، سواء في العمل أو الحياة الاجتماعية، أو العلاقات التي تفرضها الظروف أحياناً علينا لا يعرفون حدودهم ولا حدود الآخرين.. فكل علاقة بين اثنين لابد أن تكون وفق ضوابط معينة تفرضها طبيعة العلاقة ومكانة كل من الطرفين وغير ذلك من السن والمكان والزمان وما إلى ذلك من الأمور التي ترسم شكل التعامل وطبيعته.. فإذا التزم الطرفان بتلك الضوابط والقيم والحدود سارت الأمور على أحسن حال، وحقق الطرفان ما يريدان تحقيقه، أما إذا اختلت تلك المعايير ولم يعرف الطرفان أو أحدهما أين يقف، هنا تكمن الكارثة، وتختل المعادلة وتضيع الحقوق والواجبات.. ليس من الخطأ التحالف مع أحد، أو مشاركة من تجمعك به مصالح مشتركة، ولكن الخطأ هو وضع يدك بيد الشخص الخطأ أو الجهة الخطأ، وحينها يستنزف قدراتك ويستغل وجودك ليصعد على أكتافك ويحقق ما يريد دون أدنى اعتبار لمصالحك أنت، وهذا ما نراه كثيراً في حياتنا، سواء في علاقات العمل، أو الصداقة، او حتى الزواج. إن ما لا يجب تغافله أو التغاضي عنه هو ذلك الخط غير المرئي بين كل إنسان وبين الآخرين، فمعنى أن يرجع طرف من الأطراف للخلف بعيداً عن هذا الخط هو أن يسمح للآخر بالاقتراب منه أكثر فأكثر وبالتالي التعدي على هذا الخط الذي يمثل حفظ حدود وحقوق وكيان هذا الشخص، فإذا سمح أحد بحدوث ذلك، فقد رضي بالضرورة على أن يأخذ الآخر من مساحته ضمنياً.. وكان الأولى له أن يحفظ مكانته قبل أن يبدأ بلوم الطرف الآخر على هذا التجاوز، والتعدي على حدوده. سمعت في محاضرة للدكتور عبدالرحمن ذاكر يقول فيها إن هرم الأولويات هو: الله - أنا - الآخر... إذن فلابد أن نعي حين نتعامل مع الآخرين أنه بعد الله عز وجل لابد أن نكون نحن، ثم يأتي الآخر.. فيجب ألا نفرط بحقوقنا وحدودنا ليتجاوزها من حولنا حتى نبقى في توازن صحيح وفي إطار صحيح.. وتبقى علاقاتنا وتعاملاتنا صحيحة سوية. ومضة: أورد (إيسوب) في كتابه الذي كتبه في القرن السادس قبل الميلاد (خرافات).. قصة يقول فيها يروى أن الأسد وقع اتفاقاً مع الحمار الوحشي أن يصطادا الحيوانات معاً، الأسد بقوته وشهرته يمكنه أن يرعب القلوب ويتعب أي حيوان، والحمار الوحشي بسرعته يمكنه الإيقاع به، فرح الحمار بهذا الاتفاق لأن الأسد ملك الغابة وضع يده بيده وهو أمر يجعله في القمة، وبعد يوم عمل شاق جداً وصيد وفير قسم الأسد الغنائم لثلاثة أقسام وقال أنا آخذ الحصة الأولى لأنني الملك وأخذ الحصة الثانية لأنني شريك في الصيد، أما الحصة الثالثة فصدقني ستكون أذى كبير لك إن لم تسلمها لي.. فأدرك حينها الحمار خطأه الفادح من هذا التحالف، فهو لم يأخذ الضمانات الكافية التي تحفظ له حقه، إلى جانب أمر آخر في غاية الأهمية.. ألا وهو أنه لا يأكل سوى العشب!!!