15 أكتوبر 2025

تسجيل

أيها المارُّون بين الكلمات العابرة

09 أبريل 2019

رحم الله شاعرنا الكبير محمود درويش عندما وصف الصهاينة بالمارين بين الكلمات العابرة، فلو كان حياً لوصف بها المتصهينين العرب الذين يريدون لأمتنا أن تبقى حبيسةً داخل زنازين تخلفهم الشامل، ويسعون لوأد أي أمل في نفوس أبنائها، وكأنهم كابوسٌ يمر بنا متدثراً بخراب أوطاننا، وبأشلاء ودماء شعوبنا. 1) الجزائر العظيمة: للجزائر مكانةٌ عظيمةٌ في قلوب العرب والمسلمين، فهي بلد المليون ونصف المليون شهيد، والأمير المجاهد عبد القادر، والشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس، والمفكر الفيلسوف مالك بن نبي، والمناضلة جميلة بو حيرد، وسواهم من قامات شامخات. ولذلك، تابع الجميع الحراك السلمي العظيم لشعبها الرائع، وهتفوا معه بقلوبهم، وفرحوا عندما تحقق أول مطالبه، واطمأنوا لأن جيشها كان جيش الوطن حقاً، وليس كالجيوش في بلاد عربية أخرى لم تستبسل إلا على شعوبها. ولأن الحرية والكرامة تنتقلان بين الشعوب، فقد استعدت أبوظبي، منذ اللحظة الأولى للحراك، لتعمل ضد الشعب الجزائري في سبيل إيجاد سيسي آخر فيها، يخرب الوطن، ويبيع أرضه، ويذل شعبه، وينهب ثرواته. لكن الجزائريين تعلموا من الانقلاب الإماراتي السعودي في مصر، وأعلنوا في مظاهراتهم رفضهم للتدخلات الإماراتية المشؤومة في شؤون بلادهم. بل إنهم طالبوا بقطع العلاقات مع الإمارات خوفاً من مؤامراتها ودسائسها على بلادهم. وهنا، بدأ فصلٌ جديدٌ في المؤامرة على الجزائر، تكتب فيه أبوظبي والرياض التاريخ بدماء العرب والمسلمين في ليبيا. 2) حفتر، السيسي الليبي: خليفة حفتر، هو قائد مليشيا عسكرية تمولها أبوظبي والرياض لإجهاض أي أمل في حل سياسي يقود ليبيا إلى الديمقراطية والمدنية والحريات، وليس له صفةٌ رسميةٌ، لأن المجتمع الدولي يعترف فقط بالحكومة الشرعية في طرابلس. وقبل سنوات، حاول سيسي مصر، بأوامر إماراتية سعودية، أن يدخل الأراضي الليبية بحجة الوقوف مع حفتر ضد الإرهاب المزعوم، فوقفت له الجزائر بالمرصاد، وأعلنت وقوفها مع الحل السياسي، ودعمها لحكومة طرابلس. واليوم، يعلن المأجور الحرب على الحكومة الشرعية، بعد لقائه بالعاهل السعودي قبل أيام، مما يثبت أن الرياض نقلت إليه أوامر أبوظبي بوجوب إيجاد بؤرة توتر على الحدود الشرقية للجزائر، لتشغل شعبها عن مطالبه، وتحاول جرَّ جيشها إلى معارك تدمر اقتصادها، وتمهد السبيل لتثبيت حكم سيسي ثانٍ في ليبيا، وثالثٍ في الجزائر، لكن ذلك لن يحدث بإذن الله. 3) الانتخابات البلدية التركية: كان المشهد مضحكاً في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الإماراتية والسعودية والمصرية، لأنها أخذت تتحدث عن هزيمة حزب العدالة في تلك الانتخابات، وتتباكى على الشعب التركي الذي يضطهده أردوغان، ويسجن صحفييه، حسب زعمها. والمضحك أن تركيا تمارس الديمقراطية قولاً وفعلاً، ولا يعني تقدم حزب وتراجع آخر إلا أن الشعب يمارس حقه الانتخابي، ويأتي بمن يريد ليمثله في بلديات المدن التي هي جزء من السلطة التنفيذية. أما في البلدان الثلاثة، فإن أقصى ما يمكن للمواطن التعبير عنه هو تقبيل نعال الحاكم، أو الحديث عن الإسلام كدين يقوم على طاعة ولي الأمر ولو جهر بارتكاب الكبائر، أو التطبيل لرئيس لم يصدق مع شعبه مرةً واحدةً. والأكثر إضحاكاً، أنهم يمارسون، بحماسةٍ وإصرارٍ، ديمقراطية التودد للكيان الصهيوني، والعداء للقدس والأقصى والإسلام والعروبة، بلا حياء. ونقول لهؤلاء المارين بين الكلمات العابرة: بالله عليكم، اصمتوا قليلاً، واخجلوا قليلاً، واستغفروا الله كثيراً. 4) اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي بالدوحة: كانت سعادتنا، نحن القطريين، وسعادة أشقائنا العرب عظيمةً، ونحن نستمع لكلمة سمو الأمير المفدى، في افتتاح الاجتماع رقم 140 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي بالدوحة، التي أكد فيها على الالتزام بقضايا الأمة في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وأنصف فيها الشعوب التي ثارت مطالبةً بإصلاحات. و لم تقلل مقاطعة دول الحصار للاجتماع من سعادتنا، لأنها بذلك أثبتت أنها منبوذةٌ دولياً، ولا أحد يبالي بادعاءاتها، وأن بلادنا، قيادةً وشعباً، تحظى باحترام وتقدير الدول والشعوب. ◄ كلمة أخيرة: أيها المارون بين الكلمات العابرة، أخذتم حصتكم من دمنا فانصرفوا. [email protected]