13 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ سنوات طويلة، وصف أحد الكتاب روايتي نار الزغاريد التي كنت أزهو بها تلك الأيام، بأنها رواية شبحية، وجعلني ذلك أحس باحباط ما لكني تقمصت رؤية القارئ، وأعدت قراءة روايتي تلك، وفوجئت بأنني كتبت قصيدة ملحمية، غاصة بالجمل القصيرة الموحية، والعبارات شبه الموزونة عروضيا، وان هناك حكايات كثيرة داخل النص، لكنها أخفقت في أن ترتبط ببعضها بعضا وتكون حكاية واحدة، يخرج منها القارئ ظافرا ويحكيها لغيره، أو ربما يصفها لآخرين ويشجعهم على قراءة الرواية. اكتشفت أن الغرائبية التي ما زلت أكتب بها حتى الآن، كانت قد ولدت في ذلك النص، لكنها ما تزال بحاجة لتربية، حتى تخرج من حيز الطفولة لحيز النضج. باختصار أعدت القراءة مرات، وكانت روايتي شبحية بالفعل، ولو وضعت في ميدان السرد، فلن يلتفت إليها إلا الشعراء وقراء الشعر. ابتهجت كثيرا حين اكتشفت كل ذلك، وبدأت في التأقلم على كوني كاتبا مبتدئا حتى اشعار آخر، لم أكتب لسنوات بعد ذلك، وكثفت من قراءاتي بصورة كبيرة، بحيث غدا سريري مكتبة، وعربتي مكتبة، وكل ما حولي يبدو كتابا بحاجة لمطالعته. أردت أن انتفض من رماد الشعر، أنزع عباءته التي أرتديها منذ تعلمت القراءة والكتابة، وأغرب شيء أنني لم أحبط، أي لم أنسق لعبارة: «الاكتفاء بما درسه، والخروج من عوالم لا يعرفها»، لقد أردت معرفة تلك العوالم. تذكرت تلك القصة عن الرواية الشبحية، ووهم البدايات، فقط حين أبديت ملاحظات لكاتب مبتدئ، عن نص أرسله لي وأصر على أن أكتب ملاحظاتي، ولم تعجبه تلك الملاحظات، كان غاضبا، وكنت في قمة المرح وأخبرته بأنني تزحزحت قليلا عن مقعد البدايات، الذي فصله لي كاتب مخضرم منذ زمن، وعليه أن يجلس على ذلك المقعد زمنا، إن أراد أن يتزحزح يوما، ثم سألته فجأة: هل قرأت لي شيئا؟ قال: لا.. كنت بصدد القراءة لك، والآن لن أفعل. هذا بالضبط عكس ما فعلته، حين قرأت عن شبحية نصي، لأبحث عن كتابات من انتقدني، وكنت أتمنى لو فعل طالب النصح مثلما فعلت..