16 سبتمبر 2025
تسجيلطوال تاريخِـنا الكرويِّ، لم تكن أنديتُـنا مجردَ منشآتٍ وفرقٍ رياضيةٍ، وإنما جزء من شعورِنا الوطنيِّ، فكان انحدار مستويات بعضِـها شَرْخاً كبيراً في ذاتِـنا، ولذلك وجدنا الريانيَّ يألَـمُ لنادي العربي، والعرباوي يأسى لنادي الغرافة، والسداوي يشقى لنادي الوكرة، والقطراوي يتعاطف مع النادي الأهلي، وقِس على ذلك. أما الـمسؤولون في معظم أنديتِـنا فظَـلُّوا في أبراجِـهِـم العاجيَّـةِ العاليةِ بمَـعْـزَلٍ عن الـمشاعرِ التي تَـموجُ بها القلوبُ في شارعِـنا الرياضيِّ، مشغولينَ بالبحثِ عن مُبَـرِّراتٍ لإخفاقاتِـهِـم، وغير مُبالين حتى بالاستفادةِ من تجارب الأندية الأخرى في تصحيح الـمـسار. الشارع القطري لا يتساءل ولكنه يشير بأصابع الاتهام إلى إدارات الريان والعربي وقطر والوكرة والخور والغرافة خاصة، لأنها الـمسؤولة عن ضمور الروح التي اعتدناها في ملاعبـنا، وتحويل الدوري من منافسات ترتبط بالجماهير التي تملأ الـملاعب وتبعث الحياة فيها إلى منافسات بين فرق تلعبُ وسط مدرجات خاوية بعدما تَـبَـيَّـنَ للجماهيرِ أنَّ وجودَها لا يُقدِّمُ ولا يُـؤخِّرُ في النتائجِ، فكأنها تقومُ بدور الـمُحَـلِّلِ في زواجٍ غيرِ شرعي بين تاريخ مجيد للأنديةِ وحاضر من التراجعِ والانهيار. فماذا فعلت هذه الإدارات سوى زَرْع الغصَّات في القلوب بهذا التهاون في تحقيق الأفضل لأنديتها، وهل تظنُّ أنَّ تبريراتها ووعودها تهم الجماهيرَ؟، وهل تعتقدُ أن الـملاعب في الـموسم الـمُقبل ستشهد حضوراً جماهيرياً؟ وننظر من جانب آخر إلى إدارتي أم صلال والسيلية، فنجد شيئاً آخر مختلفاً، فهما لم تتعاليا على جمهوريهما، بل استجابتا لهما بالتخطيط السليم والتغييرات الصحيحة والتعامل الرفيع مع وسائل الإعلام، فكانت ثمار ذلك تَقَـدُّماً ونتائج تُثلج الصدور، وحضوراً اجتذب إلى الناديين جمهوراً خسرته الأندية الأخرى من أرصدتها بفضل مسلسلات التراجع، وأفلام البحث عن مجرد التواجد في الدرجة الأولى، حتى لو كان تواجداً بلا فاعلية ولا يتناسب مع حجومها الجماهيرية والتاريخية. لقد انشغلـنا بالجدل حول الأسباب التي أدت إلى التراجع الواضح في الـمستويات الفنية لأنديتنا الجماهيرية، وحَـمَّل البعض إداراتها الـمَسؤولية، وأصرَّ آخرون على الدور السلبي لاتحاد القدم، وانهمك طرف ثالث في انتقاد الـمُدربين، لكن أحداً لم يلتفت إلى نقطة مهمة تتعلقُ بغيابِ الروحِ عن كرتنا القطرية وابتعادها عن ملاعبنا، فهل من مستمع؟ وهل من إجابة؟