14 سبتمبر 2025
تسجيلبين الشرق والغرب كانت المسافة الزمنية عبر العصور تتسع وتضيق، والاشتباكات والتدخلات والاختلافات والحروب بارزة عند كلا الطرفين. الزمن تغير وتبدل بالتأكيد مع أن البعض فى الجانب المهزوم الاشارة الى "نحن" غالبا يعيش فى التاريخ وأمجاد فترة أو فترات ذهبية فيه ويرفض استيعاب الحاضر وتعقيداته وتجاوز عقد الماضى والانطلاقة نحو الغد. بينما يحسب للجانب الغربى تجاوزه عقد الماضى واشكالياته مركزاً الجهود على المستقبل كبعد من أبعاد الزمن الحاضر فى آن واحد. الأسئلة القديمة مازالت حاضرة فى عالمنا لم تحسم اجابتها ولم يزدها "الربيع العربي" الا حيرة وضبابية وجروحا وانكسارات. واشكاليات سياسية، وتاريخية، وفلسفية، واجتماعية، ودينية، ومذهبية، وعرقية، التنوير، الحداثة، الأصالة، المعاصرة، العقل، النقل، التقدم، التأخر، الديمقراطية، الاستبداد، الاستقلالية، التبعية، الأنا، الآخر وغيرها.هل فعلا نحتاج الى جهود جماعية منسقة وواعية لكى تنشلنا مما نحن فيه، أما أن ايديولوجيا الجماعة هى كانت أزمتنا منذ البداية وما زالت؟! هل نستعيد ما طرحه الدكتور محمد عابد الجابرى فى تبنيه مفهوم (الكتلة التاريخية) عن أنطونيو غرامشى الفيلسوف والمناضل الايطالي؟! غرامشى كان يؤمن بالتغيير الاجتماعى والسياسى والاقتصادى بما يتناسب مع معطيات مجتمعه فى زمنه، وكان المشكل الذى يعترض الاصلاح آنذاك، هو ذلك التفاوت الكبير بين الشمال، الذى كان قد بلغ درجة متقدمة على مستوى التصنيع والتحديث، وبين الجنوب الذى كان يحمل سمات المجتمع المتخلف الخاضع لسلطة الكنيسة. ومن أجل الحفاظ على وحدة الأمة والقيام بنهضة شاملة اقترح فكرة "الكتلة التاريخية"، وهى تضم الى جانب قوى التغيير والاصلاح فى الشمال، من ليبراليين ويساريين وماركسيين، القوى المهيمنة فى الجنوب بما فيها رجال الدين والكنيسة. لكن هل هذه المفاهيم قابلة للطرح والتناول اليوم فى ظل الحروب والانقسامات والقتل على الهوية والدين والمذهب والفكر فى العالم العربي، هل نستطيع أن نقنع السلطة والمعارضة، العسكر ونواب الأمة، من الليبراليين واليساريين، الاخوان والسلفيين والسنة والشيعة أن يتحولوا الى كتلة تساهم فى صناعة تاريخ جديد للمنطقة ما بعد أحداث "الربيع العربي" وتتعلم من الدروس والعبر التى اكتوى بها الجميع بلا استثناء. ما يحمله لنا الواقع المر من نتائج محزنة يبين أن الحلم فى تجاوز الماضى القريب وليس البعيد الغابر بكل اشكالاته لا يزال بعيدا ولكنه ليس مستحيلا؟!