12 سبتمبر 2025

تسجيل

نعم للثقافة .. لا للِّقافة

09 مارس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ أن كنت طفلة وأنا أسمع مفردة ( الثقافة )، ولم أكن أعرف معناها، ولكني كنت أفهم من السياقات التي تذكر فيها غالبا أنها كلمة راقية، فلما كبرت وبدأت أقلب المفاهيم في ذهني، أدركت أن الثقافة كلمة ذات أبعاد متسعة، ربما كانت بحجم الحضارة، أو ربما كانت قادرة على صنع الحضارة بالفعل. ورغم هذا المفهوم الذي توصلت إليه بعد أن اختمرت الكلمة في ذهني زمنا طويلا، ورغم قناعتي بعبقرية هذه المفردة وقدرتها على صناعة فرد متحضر راقٍ، فإن أمرا - ليس بعارضٍ - جعلني أعيد النظر، وذلك لما كبرت أكثر وبدأت أدخل عالم المثقفين، وكنت سعيدة جدا بهذا العالم إذ اعتقدت أنه المدينة الفاضلة، وأنه بالتأكيد يستقي مُثله ومبادئه من تلك الكلمة الراقية، حينها اكتشفت أن "اللقافة" في عالم المثقفين أكثر من الثقافة، وأن "الملاقيف" هم الذين يتصدرون المشهد، والمصيبة العظمى أن هؤلاء من اختيارنا ونحن من نصفق لثقافتهم الاستعراضية، ونصنع منهم أبطالا، لا بعلمهم واطلاعهم، ولكن بجهلنا .وما زلت أتساءل هل نحن مضطرون لمثل هؤلاء ؟، فهم لا يروّجون إلا لفكر هدام، أو تمرد على ثوابت، أو أنهم لا يروجون لشيء إطلاقا لأنهم متطفلون على الساحة، وليس هدفهم إلا عرض أنفسهم، واستعراض بضاعتهم المستهلكة .ومن هنا أعرج أيضا على أن القطريين صاروا الآن أكثر وعيا ونضجا وقدرة على اختيار ما يناسبهم، ويتماشى مع ثقافتهم، منفتحين على الآخر انفتاحا منضبطا "ريموته" بيدهم لا بيد غيرهم .لا نختلف على أنّ مفردة الثقافة تحتاج إلى إعادة تدوير ومعالجة ليتعامل معها الذهن تعاملا ينسجم مع قيمتها في صناعة الرقي والتقدم وتشكيل العقل الواعي، وما يجب أن نتفق عليه هو أن المثقفين بحاجة إلا "فلترة"، فليس كل من كتب رواية، أو رسم لوحة، أو تمرد على فكرة مثقفا، و"الفلترة" المطلوبة ليست تلك التي تنتقي المبدع، وتحتفي بفنه دونما مراعاة لخلقه، فظني أن ذلك المبدع الذي كتب أجمل الأشعار، ورسم أروع اللوحات مع بذاءة لسانه أو تمرده على ثوابت الدين أو العرف هو من "الملاقيف" على ساحة الثقافة، فليس مثقفا من لا ترتقي به ثقافته لاحترام البشر وتقدير عقولهم، وليس مثقفا من لا تهديه ثقافته لطريق الحقيقة وفضائل الأخلاق. لذلك أقول: نعم للثقافة، ولا للِّقافة.