18 سبتمبر 2025

تسجيل

التقييم الائتماني لدول مجلس التعاون الخليجي

09 مارس 2014

تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي في المتوسط بمستوى متقدم من الملاءة المالية كنتيجة طبيعية للثروات النفطية والسيادية فضلا عن القدرة على تحقيق فوائض مالية في الحسابات الختامية مع عدم إغفال غياب معضلة المديونية العامة لدى المنظومة الخليجية. ويمكن الزعم بأن بعض الدول الخليجية على أقل تقدير تستحق درجات أعلى بالنظر لظروفها المالية المتميزة. يستند مقالنا هذا على تقييمات مؤسستي (موديز) و (ستندارد أن بور) الرائدتين في مجال الائتمان السيادي. خلافا لمؤسسة (ستندارد أند بور) والتي تزور الدول عبر تنسيق مسبق وعليه تحصل على معلومات من مصادر رسمية، تعمل (موديز) بطريقتها الخاصة حيث لا تأخذ إذنا مسبقا من أحد، بل تقدم على توفير تقييمات خاصة خدمة لعملائها.اللافت تمتع كل من الإمارات أي أبو ظبي وقطر والكويت بنفس مستويات الملاءة المالية الممنوحة من قبل مؤسستي موديز من جهة وستندارد أند بور من جهة أخرى. بشكل محدد، تمنح موديز درجة (أي أي 2) للدول الثلاث ما يعني بأن الالتزامات المالية من النوعية القيمة لكن مع وجود شيء من المخاطرة. طبعا، أفضل تقييم بالنسبة لموديز عبارة عن (أي أي أي) وهو ليس في متناول أي من الدول الخليجية . كما أن الرقم 2 أقل مستوى من 1 فيما يخص المخاطرة. كما تحظى الدول الثلاث بثاني أفضل مستوى ائتماني من قبل مؤسسة (ستندارد أن بور) وتحديدا الدرجة (أي أي) ما يوحي بوجود قدرة كبيرة على الوفاء بالتزامات المالية. أفضل تقييم هو (أي أي أي) والذي يعد غير متوافر لأي دولة عضو في مجلس التعاون وغالبية دول العالم في حال من الأحوال.يشار إلى أن التقييم الائتماني للإمارات يعود لإمارة أبو ظبي والتي تعتبر المصدر الرئيسي للإنتاج النفطي وبالتالي دخل الخزانة العامة في الدولة، إضافة إلى ذلك، هناك موضوع الثروة السيادية التابعة للعاصمة الاتحادية حيث يحتل جهاز أبو ظبي للاستثمار المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث القيمة بعد صندوق للتقاعد تابع للنرويج. ويلاحظ بأن السعودية تحظي بالدرجة الائتمانية (أي أي 3) ما يعني وجود نسبة مخاطرة فيما يخص التزاماتها المالية مقارنة مع كل من قطر والكويت والإمارات. لكن الاعتقاد الموجود لدى السلطات السعودية هو أن المملكة تستحق مستوى ائتماني أعلى من الممنوح وربما تكوون محقة في ذلك. تعتبر السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط الخام على مستوى العالم في الوقت الحاضر. كما تستحوذ السعودية على 13.3 في المائة مقارنة مع 12.8 في المائة لروسيا و 9.6 في المائة فيما يخص الإنتاج العالمي للنفط الخام. لكن تعد السعودية أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم بلا منازع على معيار تصدير النفط الخام. إضافة إلى ذلك، حققت الموازنة العامة للسعودية فائضا في حدود 55 مليار دولار و 103 مليار دولار و 82 مليار دولار في السنوات المالية 2013 و 2012 و 2011 على التوالي. لا شك، يعد تسجيل فائض في الموازنة العامة. مؤكدا، لا يمكن اعتبار تحقيق فوائض مالية بهذا المستوى أمرا عاديا لكون العجز المالي هو السائد عالميا. كما لا تعاني السعودية من معضلة المديونية خلافا ما عليه الحال مع البحرين على سبيل المثال. يشكل الدين العام نحو 10 و 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في كل من السعودية والبحرين على التوالي. من جهة أخرى، لدى البحرين تقييم ائتماني قدره (بي بي بي) من قبل شركة مؤسسة ستندارد أند بور والتي تتميز بين مؤسسات التقييم بإجراء تقييم للدول بعد حصولها على معلومات من الجهات الرسمية. يعد هذا التقييم الأقل من نوعه بين خانة التصنيفات المخصصة للاستثمار ويوحي بقدرة الاستيفاء بالالتزامات المالية لكن مع فرضية تعرض البلد لظروف اقتصادية سيئة. وقد أكدت تقارير صحافية استعداد البحرين لقبول دفع فوائد إضافية أو أكثر من الطبيعي بسبب معضلة التقييم الائتماني.وفي السياق نفسه، أقدمت مؤسسة موديز (المعروف عنها تشددها في منح الدرجات) في شهر في شهر سبتمبر 2013 على تخفيض المستوى الائتماني للبحرين من (بي أي أي 1) إلى (بي أي أي 2). تعتبر الدرجة الممنوحة لا بأس بها لكنها توحي بإمكانية مواجهة صعوبات للوفاء بالالتزامات المالية. يضاف لذلك، لم تستبعد المؤسسة فرضية إجراء المزيد من التخفيض للمستوى الائتماني في المستقبل. كما واصلت المؤسسة اعتبار النظرة المستقبلية للاقتصاد البحريني سلبية وهي الحالة الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي. ولتبرير هذه الخطوة قدمت المؤسسة حجج منها تعرض البحرين لضغوط سياسية وأمنية محلية على خلفية الأحداث التي اندلعت في فبراير 2011 فضلا عن تأثرها بالأوضاع السياسية المتلاحقة في المنطقة. ويضاف لذلك، فرضية حصول تطورات غير مرغوبة بالنسبة لأسعار النفط في ظل تبني السلطة لمتوسط سعر قدره 90 دولار لموازنة 2013 و 2014 ما يعد أعلى متوسط الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي. تتميز البحرين بإصدار موازنة عامة لسنتين ماليتين بغية منح المستثمرين تصورا واضحا عن توجهات السلطة. ختاما، خلال توقف لنا في مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن على هامش زيارة لنا للولايات المتحدة سمعنا كلاما مفاده توقع هبوط أسعار النفط بنحو 20 دولار للبرميل بواقع 5 دولارات في السنة الواحدة بالنظر للتغيرات المختلفة في الاقتصاديات العالمية. تشمل هذه الأسباب مسألة منها تعزيز الإنتاج النفطي للولايات المتحدة.مؤكدا، المأمول تطوير مستوى الملاءة أينما كان ممكنا، لكن يكمن التحدي الفعلي بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي بالحفاظ على المستويات العالمية الحالية للملاءة كحد أدى .