14 سبتمبر 2025
تسجيلوغير بعيد من مكتب رئيس السوق: حسن شجر، حيث كانت تجري مراسم استفزاز عبد القيوم، ومحاولات تلقينه القسوة، ليدخل السجن، كانت بائعة الشاي اللاجئة: أببا تسفاي، منهمكة في أحلام كثيرة، دأبت على الانهماك فيها منذ كانت مواطنة في وطنها، تملك بطاقة شخصية، وحصة في التموين، وشهادة من معهد اسمه معهد ميكائيل عفرتو، للتطريز وفنون الديكور، تثبت أنها متخصصة في تنسيق الحدائق. وكانت حقيقة قد درست ذلك الفن عن عمد وإصرار، وامتلكت يقينا ربما كان متجاوزا، حين أكدت لنفسها بأنها ستنسق حديقة البيت الأبيض، حيث يقيم الرئيس الأمريكي: رونالد ريغان، ذات يوم. لم تكن تراعي أنها في أريتريا، وأنها في عالم ثالث، إن تطور ذات يوم، فسيكون عالما ثالثا متطورا، لا أقل ولا أكثر، وعلى الأرجح سيكون هكذا ثالثا فقط إلى الأبد. لم تكن تراعي أن أمريكا بعيدة جدا، وحتى قباطنة الطائرات النفاثة، يشكون من وجع الظهر، وآلام الطحال والبواسير، إذا ما اضطروا لقيادة الرحلات إليها من بلد في إفريقيا أو آسيا، ثم كيف يحقق حالم حلمه، ولا توجد أي إشارة بدء معروفة، لتتبعها؟ثم لتتمزق الأحلام، أو لعلها لا تتمزق، وفقط تختبئ حتى يحين وقت خروجها ممتلئة نشاطا من جديد.إنها الحرب..نعم الحرب.تلك التي تنشأ لأسباب مهما اجتهد السياسيون في رصفها، وزيادة أوزانها، لا ترتقي لتكون أسبابا. الحرب قد تنشأ لأن نعجة عادية، وقد تكون بلهاء وبلا أي قيمة مادية أو معنوية، قتلها سوء الحظ في حدود بلد مجاور. قد تنشأ لأن جرادة بلا موهبة كبيرة، هاجرت من بلد لتموت في البلد الذي يليه، ويشاركه الانفعالات، ولأن الاستقرار كلمة نابية في عرف البعض، وعليه يجب إبادتها، وتنصيب الفوضى مكانها. ولأن هناك أشخاص كثر عليهم أن يموتوا بأي طريقة.. هكذا.. وفي أيام معدودة، كانت أببا وملايين غيرها بلا ضفاف، ترسى عليها أحلامهم، بلا بيوت ولا حياة، ولا يعرفون إلى أين ومن أين، وكيف ولماذا؟ كثيرون ماتوا.. كثيرون تمنوا أن يموتوا وكثيرون كانوا محظوظين لأنهم لم يكونوا أصلا أحياء، حين اشتعلت الحرب.أببا كانت من المحظوظين، غير المحظوظين.محظوظة لأنها التحقت بنازحين أعانوها كثيرا، سهلوا على أنوثتها تحمل تحرشات رجال الحدود، وأعراب الطرقات الذين لم يكونوا ودودين ولا رائعين، وبدعم بسيط كانوا يلمونه من هنا وهناك، داووا عندها الجوع والعطش، وشبه العري أو العري كاملا، حين تتمزق الملابس من كثافة الاستخدام. محظوظة لأن ناقلي المهاجرين من الحدود إلى المدن، كان معظمهم عشاقا للمال، وحذرين من كمائن العسكر التي ربما تكون منصوبة في الطرق والأحراش، فلا تشدهم تفاصيل المرأة،لكنها أيضا غير محظوظة حتى هذه اللحظة، لأن نهاية هجرتها، لم تكن بسعة الأحلام الكبيرة، ولأنها لن تنسق حتى حديقة البلدية العامة اليابسة، في الوقت الحالي، وستصنع الشاي للعطاشى والمحبطين والمتعجلين بحقائبهم وآمالهم. عبد القيوم. ما له عبد القيوم؟