19 سبتمبر 2025

تسجيل

نتائج طيبة للاقتصاد العماني

09 فبراير 2014

تشير العديد من المؤشرات إلى أن الوضع العام للاقتصاد العماني أكثر من ممتاز بدليل تسجيل فائض في موازنة 2013 والسيطرة الكاملة على المديونية العامة، كما تشمل الشواهد الأخرى توقيع اتفاقية بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان بخصوص حرية النقل الجوي بين البلدين. فحسب إحصاءات رسمية، تم نشرها حديثا، تم تحقيق فائض يفوق المليار دولار في السنة المالية 2013 على خلفية تعزيز الإيرادات من جهة والحد من النفقات من جهة أخرى. وقد ارتبط ارتفاع دخل الخزانة بمسألة تعزيز العوائد النفطية عبر الفرق بين السعر المعتمد لبرميل النفط مقارنة مع المتوسط النهائي.بالمقارنة، تم رصد عجز قدره 209 ملايين دولار في 2012. وعليه، يعد التحول من عجز لفائض نوعي في غضون سنة دليلا على سلامة المالية العامة في السلطنة.ولطالما كثر الكلام عن الموازنات العامة، لا بأس التطرق لموازنة 2014 ، إذ تم تقدير الإيرادات والنفقات بنحو 30.4 مليار دولار و35.1 مليار دولار على التوالي مخلفا عجز قدره 4.7 مليار دولار. لكن ذلك لا يشكل عجزًا، وعلى الرغم من ضخامته، فإنه خطر يشكل 6 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي والمقدر بنحو 78 مليار دولار. بل توجد فرضية بتحول العجز المتوقع لفائض في نهاية المطاف من خلال تعزيز الإيرادات لأسباب تشمل تبني متوسط سعر قدره 85 دولارا للبرميل أي أقل من الأسعار السائدة في الأسواق الدولية. وتشكل العوائد النفطية عدى مبيعات الغاز حجر الزاوية لديمومة الاقتصادي العماني من خلال تمثيلها لنحو 76 في المائة من مجموع إيرادات الخزانة العامة. اللافت في هذا الصدد حصول نمو متواصل لحجم الإنتاج النفطي في السنوات القليلة الماضية ما يعد أمرا ايجابيا. فقد ارتفع متوسط الإنتاج النفطي من 878 ألف برميل يوميا في العام 2011 إلى 920 ألف برميل في 2012 ومن ثم 945 ألف برميل في 2013. ولا شك، فإن هذا التطور الإيجابي للاتفاقية النفطية التي حدثت قبل عدة سنوات، حصلت بموجبه تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال في العام 2005 على امتياز لرفع مستوى إنتاج حقل مخزينة من 10 ألف برميل يوميا إلى150 ألف يوميا. ولتحقيق هذا الغرض ألزم التحالف نفسه باستثمار ملياري دولار لتطوير عمليات الإنتاج النفطي. التطور الجديد الآخر عبارة عن اتخاذ خطوات لتطوير صناعة الغاز كما تجلى من خلال إبرام اتفاقية للشراكة في الإنتاج والمبيعات مع شركة بريتيش بتروليوم وهي كبرى الشركات العالمية العاملة في القطاع النفطي. وتمتد الاتفاقية والتي تم توقيعها في ديسمبر 2013 ولمدة 30 عاما-وتعتبر من الاتفاقيات الطويلة الأمد بشكل نوعي- والتي يتوقع خلالها أن تستثمر الشركة مبلغا ضخما وقدره 16 مليار دولار. في التفاصيل سوف تحفر الشركة البريطانية 300 بئر في حقل خزان الواقع وسط سلطنة عمان المترامية الأطراف بغية استخراج مليار قدم متر مكعب من الغاز في المكامن الضيقة. وحسب العقد المبرم، سيحصل الجانب العماني على 55 في المائة من صافي عوائد الحقل ما يعني بأن الخزانة العامة ستحصل عوائد مالية من هذا المشروع بدأ من العام 2017. ويعد هذا الأمر حيويا بالنظر لتراجع عائد الغاز بنسبة 6 في المائة في العام 2013. وعليه شكل عائد قطاع الغاز نحو 11 في المائة من مجموع دخل الخزانة. طبعا، يضاف لذلك العائد النفطي والذي يسهم بنحو ثلاثة أرباع الإيرادات. وكما هو الحال مع قطر، تتميز عمان من بين بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي بوجود تمثيل نوعي للغاز في الإيرادات العامة.من الناحية السلبية، تؤكد هذه الأرقام أن الاقتصاد العماني يعتمد بشكل مبالغ فيه على القطاع النفطي. كل هذا في الوقت الذي كانت فيه سلطنة عمان ليست عضوًا في منظمة أوبك. في المحصلة، الدخل النفطي هو الذي يمول نفقات الموازنة العامة والتي بدورها تعتبر مهمة للحراك الاقتصادي، حيث تشكل نفقات السنة المالية 2013 نحو 44 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.من جهة أخرى، يمكن القول، بكل أريحية بأن الدين العام تحت السيطرة، حيث يبلغ حسب آخر الأرقام المتوافرة قرابة 4.2 مليار دولار أي نحو 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. التطور الإيجابي الآخر عبارة عن توقيع اتفاقية بين الولايات المتحدة وعمان في نهاية 2013 تنص على منح شركات الطيران من كل البلدين حرية تسيير رحلات مباشرة ومنها إلى مناطق أخرى. الشيء الملفت إبرام هذه الاتفاقية في الوقت الذي لا توجد رحلات مباشرة بين البلدين في الوقت الحاضر.لكن يمكن تصنيف الاتفاقية بأنها تتطلع للأمام قبل الانتهاء من مشروع عدة مطارات في السلطنة وخصوصا مطار مسقط الدولي، مؤكدا أن الاتفاقية متطورة وعصرية، كونها تمنح المستهلك حرية اختيار شركات الطيران والمنافسة على تقديم الأفضل للمستخدم بالنسبة للسعر والخدمة.كما يمكن اعتبار الاتفاقية مرحلة تطور ومرحلة متقدمة بالنسبة لاتفاقية التجارة الحرة المبرمة بين واشنطن ومسقط والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع العام 2009 والتي تم بموجبها إلغاء غالبية التعريفات المباشرة وغير المباشرة على السلع والخدمات.يشار إلى أن الولايات المتحدة باتفاقية التجارة الحرة مع كل من البحرين وعمان من بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي، وكانت البحرين سباقة في إبرام اتفاقية للتجارة مع الولايات المتحدة. عموما، اضطرت كل من البحرين وعمان لتعزيز حقوق العمالة الأجنبية وحقوق المؤلفين للكتب والحقوق المجاورة لضمان الحصول على مصادقة الكونجرس الأمريكي. ختاما، يعيش الاقتصاد أوضاعا حسنة، لكن يكمن التحدي في مواصلة الظروف الإيجابية في ظل عصر العولمة.