12 سبتمبر 2025
تسجيلكان ثوبك أسود بنقوش حمراء، لعلها كانت مشاريع أزهار ستنبت، لكن المصمم ألغاها بحنكة، لاستحالة أن تنبت أزهار أخرى، على جسد زهرة، لعلها كانت بذور نجوم، ستزين سماء الثوب لو تركت، وألغيت أيضًا لأن كوكبًا أشد بريقًا، احتل السماء المعتمة، وأضاءها.لم أميز أي إضافات خادعة على الوجه، ولا شبهة استعارة على الشعر الذي تمدد حتى الكتفين، والعطر الذي رجني حقيقة، لم يكن مثل عطري السائد، الذي لا يرج حتى شعرة دم واحدة. في البداية تأملتك في حذر، وخيل لي للحظة، أنني سأظل ممسكًا بالحذر حتى أبلغ مقعدي، وأنتظر تقدم الليل وأمضي إلى بيتي، كما خططت، لكن الحذر ما لبث أن سقط صريعًا في المسافة بيني وبينك، وفتحت عيني على اتساعهما، جعلتهما مغرفتين شديدتي الظمأ، تغرفان ما استطاعتا. أظنك لم تنتبهي إليّ في تلك اللحظة، ولا في أي لحظة أخرى من لحظات تقدم العشق داخلي، لأنك لم تشاركيني إياها، ولو كنت قد انتبهت، لربما ظننت أن الذي كان يرتعد أمامك، محمومًا في نوبة من نوبات الملاريا، وبحاجة إلى إسعاف، وحقيقة كنت في حمى، وبحاجة إلى إسعاف، ظللت أتمنى قدومه حتى يومي الأخير، وأنا حي الشعور، قبل أن أرحل رحيلي المعنوي.شاهدتك تصعدين إلى المسرح الملون، تقدمين التهنئة للعروسين، مادة يدًا خلتها من حرير، وتنزلين، تصعدين مرة أخرى بعد أن اشتعلت أنغام فرقة اللهب من جديد، وجاء مغن آخر، أشد صعلكة، وأعلى صوتًا، وردد أغنية راقصة، شاركت فيها برقصة متزنة ونزلت، تابعتك وأنت تمشين، رصدت مشيتك بوله، وأنت تجلسين على مقعد بجوار نساء أخريات يعرفنك، وغرست عيني فيك، سمعتك تتحدثين، ولم أسمعك جيدًا، لأن ثمة مسافة كانت بيني وبينك، وفي اللحظة التي هممت فيها باقتناص ابتسامة زاهية، بدأت شفتاك تنسجانها، تحية لواحدة حيتك، من أجل أن أستعيدها في خلوتي، أو خلواتي التي ستطول كما بدا لي، داهمني أحد تلاميذي الأشقياء بغتة، خاطبني بلقب الأستاذ، وأعادني بلا أي خيار مني ولا رغبة، إلى مختبر الكيمياء، معلمًا صارمًا، كما كنت طوال حياتي، وحين مضى، وعدت إليك من جديد، لم تكوني موجودة في أي مكان من أمكنة ذلك الأثر الطلياني، لا على المسرح ولا على المقاعد، ولا بين النساء المشتتات حول الأمسية، بشتى ألوانهن وأزيائهن، واللائي تبعثرت وسطهن كالمجنون باحثًا عنك. لقد ذهبت يا أسماء، ذهبت، ولم تتركي عنوانًا أو موعدًا، أو شبعًا راسخًا، يتجشأ به الجائع في ما تبقى من ذلك الليل المختلف.