13 سبتمبر 2025
تسجيلأصبحت مجالس العزاء ومراسم الدفن فرصة للتجمع وعقد الصفقات واجتماعات عند البعض وتجدهم على شكل مجموعات متفرقة...فهذا يضحك وآخر يتبادل أرقام الهواتف وذاك يسأل عن التجارة وذا يناقش موضوعا ما...دون إدراك أن الميت محتاج للدعاء في هذا الوقت ويتمنى لو أنه يسمع دعوة صالحة لعلها تخفف عنه من هول الموقف. ويتم تكملة السوالف في موقع ما يسمى بخيمة العزاء وهي فيلم آخر وأسرد لكم بعضا منها. يقوم بعض المعارف للمتوفى وأقربائه وأصدقائه بالتبرع كل من سعته والبعض يتنافس ويتباهى بأنه دفع مبلغا وقدره لأهل الميت...والله أعلم بما تخفي الصدور! ولكن هل سألوا عن المتوفى في حياته أو تمت إعانته وهو يتلقى العلاج أو تم الوقوف معه وهو محتاج أو عليه ديون ومصاريف أخرى؟! ولم يطرأ لأحد أن يأخذ بيده أو السؤال عن حاله عندما وصل إلى هذه الحالة! وحين يتوفى لحادث أو مرض أو نهاية أجله يتهافت الطيبون كل حسب مكانة المتوفى الاجتماعية!! وتقام الولائم من أفخم المطابخ وأنواع المشروبات التقليدية ويدور الطيب والبخور والعود في عزاء الرجال...ولم يبق إلا الرز والشيلات وعرضة وبشوت ومصورون ليصبح فرحا مكتملا!! أما النساء فالعزاء يستمر لأشهر ويتم فيها تقديم أنواع الأطباق والحلويات والمكسرات والحليب بالفستق والشاي بزعفران والولائم والمشاوي من كل المطاعم وفي كل يوم أنواع مختلفة لكي يظهر أهل الميت بصورة مشرفة أمام المعزين. فهل هذه التصرفات من السنة؟ إن هذا الأمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فهو من المحدثات، وفيه مخالفة لهدي السلف الصالح، الذين لم يجلسوا ويجتمعوا للعزاء فعن جرير بن عبدالله قَالَ : (كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ: مِنْ النِّيَاحَةِ). رواه أحمد (6866)، وابن ماجة (1612). حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّ الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ). رواه البخاري (5417)، ومسلم (3216). [ التلبينة: هي حساء يعمل من دقيق ونخالة، وربما جعل معه عسل، وسميت به تشبيها باللبن، لبياضها ورقتها]. والدولة لم تقصر في إنشاء مجلس العزاء في المقبرة بطراز جميل يوحي بالأصالة وأيضا كل ما يحتاجه مجلس العزاء من قهوة عربية وشاي وماء فجزاهم الله خيرا. لدي مقترح سبق وأن طرحته في كتاباتي بشكل أو بآخر وهو أن يتم إنشاء مجالس يتجمع بها أهل الحي في كل دائرة من الدوائر وتقام بها ندوات ومحاضرات تربوية تؤصل العادات والتقاليد العريقة لبلادنا وأيضا يمكن أن يستفاد منها لإقامة الأفراح ومجالس العزاء.