10 سبتمبر 2025

تسجيل

سيكولوجية الأعماق

08 نوفمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الرهاب النفسي او الفوبيا هو مرض نفسي ويعني الخوف الشديد والمتواصل من مواقف أو نشاطات أو أجسام معينة أو أشخاص. هذا الخوف الشديد والمتواصل يجعل الشخص المصاب عادة يعيش في ضيق وضجر. فوبيا القلق (أو الخوف اللامنطقي) يكون فيه المريض مدركا تماما أن الخوف الذي يصيبه غير منطقي.فوبيا الخوف يتميز عن الأنواع الأخرى من أمراض القلق اللامنطقي، بأنه يحدث في مواقف متعلقة بأشياء أو ظروف معينة، نستعرض في عدد من الحلقات اغرب انواع هذا النوع من المرض النفسي مع امكانية علاجه. ونبدأ في هذا المقال بالخوف من ركوب الطائرات وحرمان انفسنا من متعة التسفار.قمت بعمل دراسة في سنة 2000 عن اثر الخوف على ركوب الطائرات في دول الخليج العربي وكانت نسبة الخوف في ذلك الوقت 48 % وانقسمت فئات الخوف الى ثلاثة اقسام، منهم من يخاف ركوب الطائرة ولكنه مجبر على ركوبها لأسباب تعود الى طبيعة عمله، ومنهم لدراسته في الخارج ومنهم لزيارة الاهل والاقرباء، وهذه الفئة عادةً ما تستخدم المهدئات الطبية التي تساعدهم على التخفيف من اعراض الخوف من الطائرة قبل واثناء السفر. وهناك فئة تراودها الغاء فكرة السفر بالطائرة واستخدام وسيلة اخرى، اما الفئة الاخيرة فهي التي الغت فكرة السفر بالطائرة نهائيا واستبدلتها بالسيارة او اي وسيلة اخرى.وبعد مرور خمس سنوات قمت بدراسة تتبعية للدراسة الاولى وبالتحديد في سنة 2005 عن اثر الخوف على ركوب الطائرات في دول الخليج العربي، فوجدت ان النسبة زادت بكثير حيث وصلت الى 51 % اي من بين كل اثنين يركبون الطائرة شخص لديه مخاوف من السفر بالطائرة، وهذه الزيادة تعود لأسباب كثيرة منها طبيعة الخوف الذي ان لم يعالج يزيد مع الوقت، فعلاج الخوف المواجهة، وطبيعة الناس التي تخاف من ركوب الطائرة هي الهروب، فهم يعتقدون ان هروبهم حل للمشكلة ولا يعلمون ان هذا الخوف قد ينتقل الى مكان اخر مثل خوف من السفر بالسيارة او خوف من المصعد او خوف من الاماكن المفتوحة او المغلقة.نحن لا نُحب شعور الخوف خصوصاً إذا كان هذا الخوف وهميا لا وجود له إلا في عقولنا فقط، فنهرب منه بالتأجيل الذي يدخل في أنفسنا بعض الراحة والطمأنينة المؤقتة، ولكن خيالنا بعد فترة من الزمن لا يجعلنا مرتاحين من هذا التأجيل، لأنّ مشكلة الخوف من السفر بالطائرة ما زالت قائمة، فقد تتحول لتسقط على شيء آخر وخوف آخر، ثم نقوم بالهرب منه كما فعلنا مع خوفنا من الطائرة، فبذلك تتكون لدينا مهارة الهروب من الخوف وهذا بالطبع يؤثر على سلوكنا بالمجتمع وعلى أجسامنا ؛ فهذا التأجيل لمواجهة الخوف والتغلّب عليه، يؤدي إلى نموه يوماً بعد يوم ؛ فالخوف من المواجهة الأولى كان كبيراً في أنفسنا واعتقدنا أننا لا نستطيع التغلّب عليه.هذا هو سلوك الخوف الذي يكون مثل الفيروس الذي ما أن يجد البيئة المناسبة التي تنميه وتُحافظ عليه حتى يعيش فيها، وإن لم يجد البيئة المناسبة يموت وينتهي إلى الأبد، فاعلم أنّ الخوف إذا وجد الشخصية المناسبة التي تنميه وتحافظ عليه، يعيش فيها إلى أن يقضي عليها في المجتمع، ولكن إذا تعلمت كيف تتغلّب على مخاوفك ؛ سوف تحقق نجاحات كبيرة في المجتمع وتتمتع برؤية أشياء جميلة من العالم.فنجد الذي يخاف ركوب الطائرة يعيش صراعا فكريا داخليا مع نفسه قبل السفر يدور حول "ماذا لو سقطت الطائرة؟"، أين سأكون في هذه اللحظة المرعبة؟ إنّ مُجرد التفكير في الإقلاع يجعلني عاجزاً عن السفر بالطائرة، أو من الممكن ان نواجه مطبات هوائية.. أو من الممكن أن أموت في هذه الرحلة! ماذا لو حدث.. كذا أو كذا؟". فهو يفكر انه من الممكن ان يحدث شيء للطائرة اثناء الرحلة ولا يفكر انه لو حدث شيء لا قدر الله ماذا يفعل.مثل هذه الأفكار تدور في تفكير كل من لديه مخاوف من الطيران ويُصاحب هذا الخوف أعراض نفسية وجسدية مثل (سُرعة تنفس، وزيادة في نبضات القلب، الشعور بالدوخة، والغثيان، والصداع، العرق، وشعور بشد عضلي في أماكن مختلفة في أنحاء الجسم.. وتختلف هذه الأعراض من شخص إلى شخص حسب شدة الخوف، فمنهم من يستطيع مقاومة هذا الشعور ويركب الطائرة ومنهم من لا يستطيع مقاومة هذا الشعور وبالتالي يهرب منه.فالحل بسيط جدا.. حتى نستطيع التغلب على خوفنا من الطائرة نحتاج الى ان نوقف عمل جهاز تحت قرن امون بالمخ، وهو ما نطلق عليه (الحارس النفسي) المسؤول عن حمايتنا من الموت أو الاصابة، وهو الذي يرسل الى القشرة المخية ومن ثم المهاد، ليفرز الجسم مادة الأدرينالين فيجعل الانسان في حالة خوف وتوتر مستمر.. وهذا لا يتم الا بالعلاج السلوكي.