14 سبتمبر 2025

تسجيل

فيتامين البهجة

08 أكتوبر 2014

مازال عبير العيد يفوح من جوف هذه الأيام التي نعيشها في هذه الأيام، والدليل تلك المظاهر التي تحيط بنا وتعبر عنها، وإن كانت بسيطة أو على وشك أن تتلاشى باقتراب موعد انتهاء أيام هذه العطلة الرسمية، التي شهدت تفاوتاً في كيفية التخطيط والتنظيم، يختلف باختلاف الأفراد، الذين يتفقون وفي نهاية المطاف على شيء واحد وهو أن العيد نقطة لابد أن نقف عليها؛ لنتسامح ونتصافح، ونُزيح كل الخلافات؛ لنضعها جانباً؛ كي نسمح للعيد بالعبور من بيننا، ونحن أكثر قدرة على الاستمتاع به، فهو ما يجدر بأن يكون؛ كي نُعطي العيد حقه، بإدراك معانيه الجميلة التي يبثها فينا، والتي يحلم بها غيرنا ولكنه يعجز عن ذلك؛ بسبب ظروفه القاهرة التي تحيط به، وتُجبره على سرقة اللحظات السعيدة من كبد اللحظات التعيسة، التي تُدمر حياته، ولا تسمح له بإدارك البهجة حتى في يوم العيد، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة يُجسدها الفرد الذي يُطارده بل ويُهدده (شبح الحرب)، الذي يفرِض عليه الخوف حتى في لحظات كتلك، مُهدَّدة بفقدان جمالها، ولكنها مازالت تأمل بأن ترى النور، الذي يمكن أن يراه آخر في النصف الآخر من الكرة الأرضية، وبسهولة تامة؛ نظراً لفوزه بلحظات وإن حملت في جوفها من الشر بذرة، إلا أنها لن تكون كتلك التي تحيط بمن سبقه، ولكنه وعلى الرغم من ذلك يظل يتعالى على العيد، ويحجب عنه حق الابتهاج؛ لأسباب واهية تخجل من نفسها متى قررت الوقوف أمامه؛ كي تعرض نفسها فيختار منها ما يشاء؛ ليعتمده ويكون بذلك قد وفر السبب الذي يبرر له تعاليه على العيد، وعدم انضمامه لأقرانه ممن يحتفلون به، وينشرون مظاهر البهجة في كل مكان، دون أن يتمكنوا من فعل ذلك في قلبه، الذي ستشتد قساوته مع الأيام؛ ليفقد طيبته التي ستبدأ بالتلاشي مع مرور الوقت، ما لم تجد من يُسعفها، والحق أن من يجدر به فعل ذلك هو صاحب ذاك القلب، الذي لن يتأثر بالآخرين ما لم يكن التأثر نابعاً من (أعماقه) التي ستساعد بعملية مد المجتمع بفرد يحمل معنى الإنسانية من الداخل ومن الخارج، وإنها لخطوة ضرورية نحتاج إليها؛ كي ننعُم بحياة طيبة تبدأ من فرد واحد، تشكلت ملامحه الإنسانية ليس من سعيه لبث مظاهر الابتهاج بالعيد، ولكن من خلال إدراكه لقيمة هذه البهجة التي تؤثر وستؤثر كثيراً على ترجمة ما يسعى إلى تقديمه لنفسه وللآخرين من حوله. أيها الأحبة: هناك من سيصدق هذه الكلمات التي أطلت بغرة هذا المقال؛ لأنها تمس جانباً أساسياً من حياتنا، ولها تأثيرها الجلي في تغييرها للأفضل، وإن كان تحقيق كل ما قد ذُكر على المدى البعيد؛ لذا نجده سيسعى وبكل جهده؛ كي يُحقق ما قد جاء به مع من يُشاركه حياته، ويعاني من نقص (فيتامين البهجة)؛ ليمدَّه به ويُنعشَه حتى يتحقق المُراد، ويُدرك ذاك الأخير قيمة البهجة؛ ليلحق بما قد فاته قبل أن يفوته الكثير، وذلك بتدمير الأسباب التي أجبرته على نبذ مظاهر هذا الفيتامين؛ للقيام بأمور أخرى لا تمس العيد أبداً، في حين أنه كان من الممكن أن يلتفت إليه ويتفرغ له، بتجميد تلك الأسباب، وإن كان ذلك لمجرد لحظات، يمكن أن يعود من بعدها؛ كي يفكر بها ويبحث عن الحلول المناسبة التي ستعينه على تجاوز مشاكله، التي ما كانت لتكون لو حلها منذ البداية، حيث البقعة التي سيدرك معها أن كل لحظة من لحظات حياته كعيد، لابد أن يتوجه بانتصارات عظيمة يجدر بها التصدي لكل العقبات، التي تقف أمامه؛ لتعيق تقدمه، ولكنه لا يلتفت إليها بكثير من وقته، فكل ما يحتاج إليه هو ردعها وبكل قوة تسمح له بالانتقال إلى مرحلة جديدة من حياته، سيشهد من خلالها الكثير من الخير الذي يحتاج إليه، ويرغب به لنفسه. وفي المقابل هناك من لن يقبل بتصديق ما قد ذكرته من كلمات، والحق أنه الأقل حظاً، والأكثر حماقة؛ لأنه سيسهم بعملية تدمير قلبه، حتى لَيفقدُ مع مرور الوقت القدرة على الإحساس بجمالية أي شيء يعيشه؛ ليُضيّق بذلك على نفسه الخناق، ويسهم بتقليص عدد أيامه فتصبح أكثر محدودية، ولا خير فيها، ولا قيمة لها، وستنتهي بتعاسة لن يدركها سواه، ما لم يهتم بنفسه منذ البداية، وكما فعل صاحبه من قبل.. وأخيراً فلقد سبق لي أن ذكرت أن كل لحظاتنا كعيد؛ لابد أن نعيشه دون أن نسمح لأي عقبة بأن تسرق منا حق تلك العيشة، التي ستصبح أكثر جمالاً متى أدركنا معنى البهجة، التي لن تتطلب منا الكثير، فكل ما تحتاج إليه، هو بذل أي شيء من التسامح الذي لابد له أن يبدأ من الداخل؛ كي يمتد إلى عالمنا الخارجي، حيث من نحب، فهو ذاك ما سيسمح للحياة بأن تُصبح أجمل وأفضل، وسيجعلنا أكثر سعادة، فهل لنا أن نُشارك بذلك ونعمل على تحقيقه؛ ليصبح كحقيقة تتراقص على أرض الواقع؟