07 أكتوبر 2025

تسجيل

تراجع تنافسية الاقتصاديات الخليجية

08 سبتمبر 2013

كشف تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2013 والذي صدر قبل أيام عن تباين أداء دول مجلس التعاون الخليجي على هذا المؤشر الحيوي من جهة وتدهور الترتيب العام لغالبية أعضاء المنظومة الخليجية من جهة أخرى. في المجموع، تراجع ترتيب 4 من أصل 6 دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي ما يعد أمرا مقلقا في ظل حالة التنافسية في الاقتصاد العالمي. فأحسن تقدم كان من نصيب الإمارات والتي تقدمت بواقع 5 مراتب ثم الكويت بمرتبة واحدة. في المقابل، أسوأ تراجع كان من نصيب البحرين بواقع ثماني مراتب ما عمق من موقعها في قاع الترتيب الخليجي. يتضمن تقرير 14-2013 تقييما لأداء 148 اقتصادا بزيادة 4 دول على التقرير السابق، الأمر الذي يعكس تقدير المزيد من الدول لتوفير المعلومات المطلوبة بغية الحصول على تقييم دولي. تشكل الاقتصادات المشمولة في التقرير نحو 98 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العالم ما يعني جميع الاقتصادات المهمة. تكمن أهمية التقرير بأنه يندرج ضمن سلسلة تقارير ومؤشرات أخرى تستخدم من قبل المستثمرين الدوليين عند اتخاذ قرارات الاستثمار، حيث المنافسة على أشدها بين الدول لاستقطاب التجارة من الخارج لمعالجة تحديات مثل إيجاد فرص عمل للمواطنين. كما يتميز التقرير بصدوره من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يقف وراء المنتدى السنوي في سويسرا. يتميز تقرير التنافسية الاقتصادية باعتماده منهجية علمية معتبرة تتمثل في جمع معلومات عامة، إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال، إذ يتم ترتيب الاقتصادات على أساس النتائج التي تحصل عليها في المؤشر المكون من سبع نقاط. بنظرة إجمالية، يعتمد المؤشر على 12 متغيرا موزعا على ثلاثة محاور رئيسية وهي أولا الركائز الأساسية وثانيا محفزات الكفاءة وثالثا التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. كما يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق. فضلا عن ذلك يتضمن محور التطور والابتكار ركيزتي تطور الأعمال والابتكار. فيما يخص أداء دول مجلس التعاون الخليجي، فقد حافظت قطر على ترتيبها بحصولها على أفضل نتيجة لأي بلد عربي وإسلامي على الإطلاق. وحدث ذلك رغم تراجع ترتيب قطر بواقع مرتبتين في التقرير الأخير مقارنة مع تقدم ترتيبها ثلاث مراتب في تقرير العام 2012. ويعكس هذا التطور وجود إصرار لدى الدول المنافسة لتعزيز اقتصاداتها وهي غير ملامة بذلك. وفي كل الأحوال، كشف التقرير عن تأخر قطر عن ترتيب 12 دولة فقط وهي سويسرا وسنغافورة وفنلندا وألمانيا والولايات المتحدة والسويد وهولندا وهونج كونج واليابان وبريطانيا والنرويج وتايوان. وهذا يعني نجاح كل من النرويج وتايوان بالتقدم على حساب الاقتصاد القطري. الطريف في الأمر عبارة عن تخطي قطر كلا من النرويج وتايوان في التقرير السابق ما يؤكد أن المنافسة على أشدها بين الاقتصادات العالمية لنيل أفضل المراتب. تشمل نقاط القوة بالنسبة للاقتصاد القطري أمورا من قبيل عدم وجود تهديد بحصول عجز في المالية العامة بالنظر لتطورات الأوضاع في سوقي النفط والغاز. أيضا هناك موضوع قوة دخل الفرد، حيث يقترب من 100 ألف دولار حسب ما جاء في التقرير ما يعد أمرا غير عادي على مستوى العالم. وتشمل الإيجابيات الأخرى كفاءة سوق العمل بدليل تشكيل الأجانب للسواد الأعظم من القوى العاملة. والأهم من ذلك، حصلت قطر على المرتبة الثالثة عالميا على معيار كفاءة السوق ربما تأكيدا لمبادرات القطاع التجاري بتنفيذ مشاريع حيوية مثل الفنادق في إطار استعداد البلاد لاستضافة فعاليات كأس العالم لكرة القدم في العام 2022. أيضا هناك موضوع القدرة على الإبداع من خلال نظام التعليم الجامعي ذي المستوى العالمي الذي تدعمه الدولة وتواجد مراكز أبحاث متخصصة كما يتجلى ذلك من خلال المدينة التعليمية. من جهة أخرى، واصلت الإمارات عملية تعزيز ترتيبها، حيث تقدمت 5 مراتب في التقرير الأخير للمرتبة رقم 19 وعليه حلت محل السعودية كصاحبة ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية. وكانت الإمارات قد تقدمت ثلاث مراتب في تقرير 2012. يعود التحسن المستمر لترتيب الإمارات لأمور من قبيل تعزيز تطوير البنية التحتية، مثل مشروع مترو دبي والذي يستخدمه أكثر من 300 ألف فرد يوميا. كما تتميز الإمارات بتنفيذها مشاريع تنموية على مستوى المطارات، الأمر الذي يفسر حصول مطار دبي على المرتبة الثانية عالميا بالنسبة لحركة المسافرين بين الوجهات الدولية بعد مطار هثيرو في لندن. ولا غرابة، فقد حصلت الإمارات على المرتبة رقم 5 عالميا فيما يخص تطوير البنية التحتية ما يعد إنجازا خليجيا. وتشمل الإيجابيات الأخرى إفساح المجال أمام العمالة الوافدة، حيث تعمل في دبي وحدها عمالة تنتمي لأكثر من 100 دولة في العالم. وهذا يفسر جزئيا قدرة دبي على فرض نفسها كواجهة تجارية رئيسية على مستوى المنطقة عبر استقطاب الكفاءات من مختلف دول العالم لتسيير مشاريعها الحيوية مثل طيران الإمارات والتي باتت الأكثر تشغيلا لطائرات إيرباص 380 العملاقة. بدورها تأخرت السعودية مرتبة واحدة للمرتبة 20 ما يعني خسارتها المرتبة الثانية عربيا لصالح الإمارات. ويعود الأمر بشكل جزئي لبرنامج (نطاقات) والقاضي بترتيب تواجد القوى العاملة الأجنبية بغية تعزيز تمثل المواطنين في القطاع الخاص. وتكمن سلبية هذا التوجه بالمفهوم العالمي بتقييد حرية المؤسسات الدولية في توظيف العمالة التي تناسبها. ختاما، تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي قدرة تعزيز قدراتها التنافسية عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية وتخصيص أموال كافية للتعليم والصحة وتطوير الإجراءات الإدارية وتشجيع البحث العلمي والابتكار.