14 سبتمبر 2025

تسجيل

الأمل في حياة المسلم

08 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); للعقيدة الإسلامية آثار عظيمة على سلوك معتقديها، ولا شك أن من أعظم هذه الآثار ما تبعثه العقيدة في النفس الإنسانية من طمأنينة ورضا، وما تسكبه من أمل ورجاء؛ (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)؛ فالمؤمن الحق مطمئن النفس، هادئ البال، لا يستبد به القلب، ولا يستسلم لوساوس اليأس مهما اشتدت الخطوب أو تداعت النوازل، بل يتعامل مع صروف الدهر وتقلباته بنفس مطمئنة؛ لأنه يعلم أن هذا الكون لا يقع فيه شيء إلا بقدر من الله؛ (إنا كل شيء خلقناه بقدر).. وقد تواترت الآيات في تأكيد هذا المعنى وبيان أن ما شاء الله له أن يكن كان؛ (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم)، (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم)، وكان من دعاء نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك).وقضاء الله على العباد يجري وفق سنن لا تتخلف في نظام هذا الكون، ومن أحسنَ فقهَ هذه السنن وراعاها تفتحت أمامه آفاق الرجاء والأمل الفسيح. ومن هذه السنن سنة التداول؛ قال تعالى (وتلك الأيام نداولها بن الناس)؛ فأحوال البشر في هذه الحياة لا تستقر على حال واحد، بل صعود وهبوط، وفقر وغنىً، وعافية ومرض، وحياة وموت، وهزيمة ونصر.. والقرآن الكريم حينما يقرر هذه الحقيقة لا يذكرها مجردة، وإنما يسوق لها الأدلة، ويضرب لها الأمثال حتى تكون يقينًا عند الموحدين؛ لا يتطرق إليها شك، أو يمازجها ريب.. فمن فكم من مكروب نجاه الله!، وكم من مريض شفاه الله!، وكم من ضال هداه الله!، وكم من عائل أغناه الله!؛ وما يقال عن الأفراد في هذا الباب ينطبق على الأمم والجماعات، وقد قص علينا القرآن الكريم أخبار الأولين، وذكر لنا أحوال الأمم السالفة؛ فرأينا أممًا عمرت الأرض، وبلغت الغاية في القوة والعمران، ثم مضت فيها سنة الله، وأخذها بعد أن فشا فيها الفساد؛ وحدثنا القرآن عن أمم مستضعفة سامها الطواغيت سوء العذاب، واستعبدوا شعبها أيما استعباد، ولكن ببركة الرسل والرسالات أذن الله لهذه الأمم أن تنهض من كبوتها وضعفها؛ وما هي إلا سنوات حتى نهضت، وقوى سلطانها، واستبحر عمرانها(وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).إن القرآن الكريم يقص علينا هذه القَصَصَ حتى نعتبر بسردها، ومن أعظم هذه العبر الثقة في الله، والبراءة إليه من اليأس والقنوط؛ (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلاَّ الضالون). وإذا كان هذا اليأس مذمومًا في كل موقف لأنه ينافي الدين، ويعطل نظام الحياة فإن أسوأ ما في هذا اليأس أن يتحول من حالة فردية تنحصر في آحاد الناس إلى حالة جماعية تصاب بها الأمة؛ فتنهار قواها، وينفرط عقدها.وواقع المسلمين يشهد أن الأم تخللتها فترات دب فيها اليأس واستحكم حتى انقطع رجاء المصلحين في الإصلاح، واستسلمت الأمة – حكامًا ومحكومين، ودعاة ومدعوين – لطالعها النكد، ووجد الخصم الفرصة مواتية؛ فجاسوا خلال الديار.. ولعل الفترة التي سبقت سقوط الخلافة العثمانية تجسد هذه الحالة بوضوح.فليست المصيبة في انهزام الأمة أمام جحافل الأعداء؛ فهذا أمر مكرور في التاريخ الإنساني، والهزيمة في ميدان المعركة على مرارتها أهون على الأمم من أن تنهزم في تصوراتها، ومقومات وجودها، وبقاءها، وأهون عليها من أن تستسلم للمنعطفات، وأن تظن في نفسها أن هذه هي نهاية المطاف، وقاصمةالظهر، ولذلك تنزلت الايات الكريمات بعد غزوة أحد تقول للمسلمين(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).