13 سبتمبر 2025
تسجيلسئل حذيفة عن المنافق فقال: ( الذي يصف الإيمان ولا يعمل به ). ( وفي صحيح البخاري عن ابن عمر أنه قيل له: أنا ندخل على سلطاننا فنقول له بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عنده، فقال: كنا نعد هذا نفاقا ). وفي المسند عن حذيفة قال: ( إنكم لتكلمون كلاما إن كنا لنعده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النفاق ). وفي رواية قال: ( إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصير بها منافقا، واني لأسمعها من أحدكم في اليوم أو في المجلس عشر مرات ). ( قال بلال بن سعد: المنافق يقول ما يعرف ويعمل ما ينكر ). ومن هنا كان الصحابة يخافون النفاق على أنفسهم، وكان عمر يسأل حذيفة عن نفسه. وسئل أبو رجاء العطاردي: هل أدركت من أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشون النفاق؟ فقال: نعم إني أدركت منهم بحمد الله صدرا حسنا نعم شديدا نعم شديدا. وقال البخاري في صحيحه: وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. ويذكر عن الحسن قال: ما خافه الا مؤمن، ولا أمنه الا منافق انتهى. وروى عن الحسن انه حلف: ما مضى مؤمن قط ولا بقى الا وهو من النفاق غير امن، وما مضى منافق قط ولا بقي إلا وهو من النفاق امن. وكان يقول: من لم يخف النفاق فهو منافق. ( وسمع رجل أبا الدرداء يتعوذ من النفاق في صلاته، فلما سلم قال له: ما شأنك وشأن النفاق؟ فقال: اللهم اغفر لي ثلاثا لا تأمن البلاء، والله إن الرجل ليفتن في ساعة واحدة فينقلب عن دينه ) . والآثار عن السلف في هذا كثيرة جدا. قال سفيان الثوري: خلاف ما بيننا وبين المرجئة ثلاث، فذكر منها قال: نحن نقول نفاق وهم يقولون لا نفاق. وقال الأوزاعي: قد خاف عمر النفاق على نفسه، قيل لهم إنهم يقولون إن عمر لم يخف أن يكون يومئذ منافقا حتى سأل حذيفة، ولكن خاف أن يبتلى بذلك قبل أن يموت، قال: هذا قول أهل البدع، يشير إلى أن عمر كان يخاف النفاق على نفسه في الحال والظاهر أنه أراد أن عمر كان يخاف على نفسه في الحال من النفاق الأصغر، والنفاق الأصغر وسيلة إلى النفاق الأكبر كما أن المعاصي بريد الكفر، وكما يخشى على أن أصر على المعصية أن يسلب الإيمان فيصير منافقا خالصا. وسئل الإمام احمد: ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ قال: ومن يأمن على نفسه النفاق؟. وكان الحسن يسمى من ظهرت منه أوصاف النفاق العملي منافقا. وروى نحوه عن حذيفة. وقال الشعبي: من كذب فهو منافق. وحكى محمد بن نصر المروزي هذا القول عن فرقة من أهل الحديث، وقد سبق في أوائل الكتب ذكر الاختلاف عن الإمام أحمد وغيره في مرتكب الكبائر هل يسمى كافرا كفرا لا ينقل عن الملة أم لا؟ واسم الكفر أعظم من اسم النفاق، ولعل هذا الذي أنكره عطاء على الحسن أن صح ذلك عنه. ومن أعظم خصال النفاق العملي ان يعمل الإنسان عملا ويظهر أنه قصد به الخير وإنما عمله ليتوصل به إلى غرض له سيء قيم له ويتوصل بهذه الخديعة إلى غرضه ويفرح بمكره وخداعه وحمد الناس له على ما أظهره ويتوصل به إلى غرضه السيئ الذي أبطنه، وهذا قد حكاه الله في القران عن المنافقين واليهود. فحكى عن المنافقين أنهم – (اتخذوا مسجدا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) - وأنزل في اليهود – { ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم } - وهذه الآية نزلت في اليهود سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه واخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم وما سئلوا عنه، قال ذلك ابن عباس وحديثه مخرج في الصحيحين. وفيهما أيضا عن أبي سعيد أنها نزلت في رجال من المنافقين كانوا إذا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلافه فإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغزو اعتذروا منه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا. وفي حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من غشنا فليس منا، والمكر والخديعة في النار".