18 سبتمبر 2025

تسجيل

منزلة الاستغفار

08 يوليو 2014

الاستغفار كما ذكر أهل العلم: طلب المغفرة، والمغفرة: وقاية الخالق من شر الذنوب مع سترها عن الخلق، أي أن الله عز وجل يستر على العبد فلا يفضحه في الدنيا، ويستر عليه في الآخرة فلا يفضحه في عرصاتها ويمحو عنه عقوبة ذنوبه بفضله ورحمته. وقد كثر ذكر الاستغفار في القرآن على سبيل الأمر كقوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وعلى سبيل المدح لأهله كقوله تعالى: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) وعلى سبيل الوعد بالعفو للمستغفرين قال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً). والاستغفار كما قال صاحب المنازل على ضربين: مفرد، ومقرون بالتوبة. فالمفرد: كقول نوح عليه السلام لقومه: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا}، وكقول صالح لقومه: {لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون}، وكقوله تعالى: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}، وقوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}. وأما المقرون بالتوبة كقوله تعالى: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله}، وقول هود لقومه: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا}، وقول صالح لقومه: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب}، وقول شعيب: {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود}.يقول ابن القيم: الاستغفار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها، مع تضمنه طلب المغفرة من الله، وهو محو الذنب، وإزالة أثره، ووقاية شره، لا كما ظنه بعض الناس أنها الستر، فإن الله يستر على من يغفر له ومن لا يغفر له، ولكن الستر لازم مسماها أو جزؤه، فدلالتها عليه إما بالتضمن وإما باللزوم.وحقيقتها وقاية شر الذنب، وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قوله: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33]، فإن الله لا يعذب مستغفرا، وأما من أصر على الذنب، وطلب من الله مغفرته، فهذا ليس باستغفار مطلق، ولهذا لا يمنع العذاب، فالاستغفار يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار، وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق.وقد ذكر بعض أهل العلم في الفرق بينهما أن الاستغفار: طلب وقاية شر ما مضى، وأما التوبة فهي: الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله.