30 أكتوبر 2025

تسجيل

زحف عارم

08 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يلفت النظر ذلك الزحف العارم للمعلومات ، في نموها الكمي وانتشارها الكيفي والانفجار المعرفي وصار من المؤكد أنه سوف لا يكون هناك موطئ قدم في الزمن القادم لمن يتباطأ عن اللحاق ’بركب المعلومات‘ وسيكون من الخاسرين. صارت المعلومات هي المحرك الأول للاقتصاد وكل أنشطته وتشكل علاقات الأفراد والجماعات ، وتوجه التنشئة والتربية والتعليم وتشكل بقوة الثقافات الجديدة للأمم وتقذف بها في المعترك الحضاري العالمي. زحف المعلومات والتضخم المعرفي الذي يصاحبها يشكل خطرا على البناء العقيدي والقيم الإسلامية وبالتالي سيزيد أيضا من أعباء الأنشطة الدعوية والتوعوية الإسلامية ولا بد لها إذن من استهداف البناء الثقافي للأمم وربطه ربطا ذكيا بروح المنهج الإسلامي وهو منهج له من القوة والحيوية ما يؤهله لهذا. كل هذا سيضيف أبعادا جديدة للصراعات الحالية وسيزيد من حدة الاستقطاب الحضاري وسيزيد بالتالي من الخلل في التوازن الثقافي والعرقي وربما العقيدي ايضا. ولكن مع ذلك نجد أن غالب المفكرين وأهل الرأي من المسلمين حاليا تجتذبهم صراعات فكرية إنطوائية وبعيدة عن روح العصر وعن العطاء المرجو وعن القضايا الرئيسية التي تخص حاضر ومستقبل الإسلام ودوره الحضاري. ورغم إبداء الحسرة على عدم مواكبة المسلمين للزمن الحديث بما يحمله من تحديات نجدهم أسرَى داخل زمنهم المباشر المحدود يصولون فيه ويجولون ولا يستطيعون منه فكاكا. كل هذا يستدعي أن يتدارك هؤلاء الدعاة والمفكرون المسلمون أمرا بات الانتباه له على جانب كبير من الأهمية في عالمنا الإسلامي عامة والعربي بصفة خاصة ومواجهة الأسئلة الرئيسية المطروحة على الساحة الآن: ما هو موقف الإسلام والمسلمين من الحضارة الحالية؟ ماهو رأيهم فيها ونقدهم لها نقدا يحفظ خصوصيتها التي تميزها عن غيرها ويزيد من ثراء فحواها ومعناها؟ وكيف يمكن الصمود أمام هذا المد الحضاري المادي الكاسح؟ وكيف يتسنى للمسلمين الحفاظ على دينهم وقيمهم وخصوصيتهم التي تميزهم عن غيرهم من الشعوب؟ والملاحظ إن تناول المفكرين المسلمين للحضارة الحالية يتميز عادة بالنقد السلبي والذي قد يصل في أحيان كثيرة إلى سلبية مطلقة كالرفض التام حتى لإيجابيات هذه الحضارة وذلك دون اتخاذ مواقف إيجابية أو وضع بدائل مطروحة في المقابل. وما قد يبدو عبثا للكثيرين في إطار التفسير الحضاري لمعطيات العصر الحالي هو في الحقيقة عناصر جدلية ذات أبعاد موسعة يجب ألا تؤخذ مجردة في ذاتها وفي وقتها. ويمكن القول حينئذ أن بعض المفكرين المسلمين الذين ينبذون أفكار الغير مطلقا او يقبلونه مطلقا يجب أن يعملوا على معالجتها من منظور آخر حتى لا يكون موقفهم عاملا على سكون الفكر الإسلامي أو انحرافه أو انحيازه. ولا يجب أن يترك المفكرون المسلمون مسيرة الفكر حكرا على الآخرين دون محاولات جادة لتقويمه وليس فقط رفضه وانتقاده.