11 سبتمبر 2025
تسجيلكان السبب الأول لظاهرة الفتور هو الغلو، واليوم نأتي على السبب الثاني وهو: السرف ومجاوزة الحد في تعاطى المباحات: وهذا باب شر يفتحه الشيطان يستدرج به السالك على طريق الهداية، يأتي إليه من باب مشاهدة الكرة أو اللعب بها وهذه أمور مباحة لكنه ينطلق من الباحة ليجعلها قضية أمة، تترك الصلاة لأجلها، وتقام الخصومات لتشجيعها، بل وصل الأمر إلى تقويض الأسر وتشتيتها والسبب مشاهدة الكرة.ومن الإسراف في المباحات مثلا: الاسراف في الطعام والشراب، فهو وإن كان مباحا إلا أنه يثقل الإنسان على فعل الطاعات، ويكسل به إلى إقامة الصلوات، وشدة الشبع فيها تقوية للشهوات، ولعل ذلك هو السر في نهي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن الشبع وتجاوز الحد في الطعام إلى حد السرف، قال تعالى: { يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين }.وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه) وقد تحدث أهل العلم وذكروا مضار الشيع في فصول من مصنفاتهم منها ما ذكره الغزالي في الإحياء وابن القيم في الداء والدواء وغيرهم كثير.لقد أدرك سلف الأمة ما يصنعه السرف والتوسع في المباحات بصاحبه، فحذروا منه، إذ تقول أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها - : (أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع، فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم، فضعفت قلوبهم وجمحت شهواتهم) ويقول عمر - رضى الله تعالى عنه - : (إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه) ويقول أبو سلمان الدارانى: (من شبع دخل عليه ست آفات: فقد حلاوة المناجاة، وحرمان الشفقة على الخلق - لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباع - وثقل العبادة - وزيادة الشهوات، وأن سائر المؤمنين يدورون حول المساجد، والشباع يدورون حول المزابل) بالطبع يقصد هنا من أسرف في الشبع حتى أقعده عن العمل