18 سبتمبر 2025
تسجيلكان لي صديق ثري جداً ولم ألتقِ به منذ فترة طويلة، وفي أحد الأيام وأنا عند الإشارة أنتظر السماح لي بالمرور، نظرت إلى يميني وإذا بجانبي سيارة صغيرة متواضعة وإذا بسائقها ذاك الرجل الثري الذي أعرفه، لم أصدق عيني بدايةً وقلت في قرارة نفسي ربما شخص آخر يشبهه، غير معقول أن يكون هو، فهو لا يركب إلا السيارات التي يتعدى سعرها المليون ريال، يا سبحان الله مُبدل الأحوال! ودفعني حب الفضول والمعرفة التي بيننا السابقة للاتصال به لكي أطمئن عليه وأرى ماذا حل به؟ واتصلت به وكانت المفاجأة، مرحبا أبو علي، أهلاً أبوإبراهيم، كيف الحال، الحمد لله، أين أنت يا رجل لم أسمع صوتك أو أراك منذ فترة؟ وأنت الصادق، لقد رأيتك أنا بالأمس القريب عند الإشارة وأنت تركب سيارة صغيره على خلاف عادتك التي أعرفها! قال بصوت مُقتضب، نعم أنا الذي كنت فيها، أكيد لن تصدق ذلك، لكن أسمع قصتي كاملة، أنت تعرف كنت أملك مجموعة شركات وكانت تعمل بصورة جيدة تدر عليّ الأموال الكثيرة، وكان يدير الشركات عدد من المدراء بصورة جيدة، وأنت تعلم جشع بني آدم، فعينه لا يملأها إلا التراب!صحيح، فأنا على خبري أنك تعطيهم امتيازات لا يحلم بها الكثيرون. كما قلت لك الجشع يعمي العيون، فاتفق عليّ جميعهم بسرقتي بطرق خبيثة، رغم أنني أُعطيهم رواتب تفوق المائة ألف ريال وسيارة من الطراز الحديث لكل واحد منهم وسكن به مسبح وتذاكر سفر على الدرجة الأولى، فتصور هؤلاء ممن لا يخافون الله لعبوا بالفواتير وزوروا الأوراق ووقعوا شيكات باسمي وسندات صرف غير صحيحة واتفقوا مع الغير ضدي وقبضوا ثمن ذلك وحولوا الشركات من رابحة إلى خاسرة مديونة بمبالغ كبيرة للبنوك، وقد بعت كل ما أملك بسببهم!لكن السؤال أين أنت عنهم ؟!خبرك، أنا طيب بدرجة كبيرة وأحب السفر كثيراً وانشغلت عنهم بذلك وكانت الأمور على ما يرام، ولم أعتقد أنهم في يوم من الأيام سوف يسرقونني؛ لعلمي بأنني لم أقصر مع أحد منهم ولا أعدهم موظفين فحسب، ولكن كإخوة لي وجمعتهم من حولي لثقتي العمياء فيهم، ولم أتصور أن أنفسهم دنيئة لهذا الحد! وكان في تصوري "ما جزاء الإحسان إلا الإحسان وليس الغدر والسرقة"!لكن يا أخي العزيز نحن للأسف نرتكب أخطاء جسيمة، منها أن نضع الحبل على الغارب ولا نراقب المد والجز الذي قد يكلفنا الكثير، وقد ننتشل البعض من "حافي امنتف" إلى مدير كبير يُشار له بالبنان، ولكنه بسرعة يعض اليد التي أنعمت عليه بعد الله وجعلت منه إنسانا ثريا ولم تقصر معه في شي! وأنا أستحلفك في هذا المقام أن لا تعفو عنهم ودع العدل يأخذ مجراه والتحقيق سوف يكشف كل شيء ويعطي كل ذي حق حقه وأرجوك وأتوسل إليك أن لا تتنازل عن القضية لعلمي بك أن قلبك طيب حتى ولو استرجعت مالك المسروق ليكونوا عبرةً لمن يعتبر. الحمد لله على كل حال، لكن أنصح كل واحد مثلي ترك الحبل على الغارب بأن لا يثق ثقة عمياء ويُعطي صلاحيات واسعة لبعض الموظفين دون مراقبة دقيقة وشمولية وتفحصيه حتى لا يندم مثلي وحينها لا ينفع الندم.