14 سبتمبر 2025

تسجيل

وحده المبدع من يستطيع تحويل النهايات لبدايات

08 مارس 2016

يعتقد البعض أن ما يميل إليه الكاتب (عادة) هو انصياعه للرغبات التي تتسلط عليه وتوجهه نحو واجب تسليط الضوء على الأمور التي تشغله فقط، وتلوح في سماء حياته - التي وعلى ما يبدو- أنها لا تمت للعالم الخارجي بصلة؛ لذا يبدو كل ما ينكب عليه من خارج السرب ولا يتعلق بمن فيه، غير أن حقيقة ما يحدث خلف الكواليس ولا يُدرك بسهولة هو: أن الكتابة تُعد وبالنسبة للكاتب المنفذ الأساسي لكل المآسي، الهموم، والمشاكل التي تعترض حياته أو تغزو المحيط الذي يحتويه، وتأثره بها يكون كنتيجة حتمية لكل ما يحدث، والوسيلة التي يستعين بها؛ كي يُعبر عما بداخله هو توجهه نحوها (الكتابة)، التي تترجم حقيقة ما يحدث من حوله، وتؤكد أنه بشكلٍ أو بآخر (الجزء) الذي لا ولن يتجرأ على الانشقاق عن ذاك النسيج الذي يحتويه، ويمثله على الدوام وإن لم يمتثل لكل الظروف التي تُحيط به، وتؤثر على سواه، وهو ما يعني وبكلمات أخرى أنه يُشارك ولكن بقلمه الذي يُسخره لنصرة الحق ولا شيء سواه، ولكنه وبفضل ضيق المساحات المسموح له بها، فإنه يقف عاجزا أمام نوعية القضية التي يحتاج إلى التطرق إليها، الأمر الذي يجبره على انتقاء ما يراه مناسباً؛ للتطرق إليه، والتعليق عليه من وجهة نظره الخاصة، ومن ثم تقديمه للمتلقي من زاوية لاشك تحمل الفائدة فيها، وبما أني أعيش من أجل الكتابة وبها فلاشك أني أواجه الأمر ذاته وبشكل جلي يجعلني أتنقل من موضوع لآخر في كل مرة ألتقي فيها معكم، وهو ما أفعله؛ لأني أتأثر بما يدور من حولي، وأحتاج إلى تسليط الضوء عليه (في حينه) وقبل أن يبرد ويمضي عليه الوقت، فلا يبدو مناسباً أو لائقاً أبداً؛ لأصبح به ومن خلاله كمن يتحدث عن الأطلال (لا) عن حدث يأخذ حيزاً عظيماً ولا يُستهان به من الواقع، وبما أن الأمر يتعلق بواقعنا الواقع فلابد وأن أسلط الضوء على موضوع يعبث براحة البال؛ تاركاً أثره القاسي على أصحابه، وكل من يعاني منه بشكلٍ أو بآخر، ويكفي أن أُشير إليه بـ (موجة الاستغناء عن الخدمات)، والتي كانت من نصيب البعض ممن قُدر لهم ذلك، ولن أخوض تفاصيل ما قد حدث وما يحدث - ليس من باب التقليل من شأنه - ولكن لعظيم ما قد تسبب به من أضرار تركت أثرها الجلي على من كان يعمل ومن لا يزال على رأس عمله، غير أنه تأثر بما حل بغيره، ويخشى أن يلحق به الأمر ذاته، فيعيش ذات الوضع، الذي يسبقه الكثير من المقدمات المضطربة، التي تجعله يفقد معنى الأمان الوظيفي، الذي يحتاج إليه؛ كي يعطي أكثر، ويبدع أكثر في عمله، الذي يقوم به؛ لتنصب الفائدة في قالب سيخدم المجتمع بأكمله فيرتقي بمن فيه بين غيره من المجتمعات، ويكون بذلك قد لبى أهم مطالب (التميز)، الذي نطمح إليه، غير أنه لن يتمكن من فعل ذلك؛ بسبب المعاناة التي يعيشها، وتستنزف كامل طاقته في التفكير بمستقبل يخشى أن يصبح من الماضي في ليلة وضحاها، أليس كذلك؟ أحبتي: إن الإجابة عن ذاك السؤال ستختلف دون شك من فرد لآخر على الرغم من اتفاق الجميع على حقيقة أن ما يحدث ليس بالأمر الهين بتاتاً، ولعل ما قد جئت به إليكم تسنده تلك الشخصيات التي سمعت عن معاناتها، وأدركت ما قد حل بها بعد تلك الموجة وبسببها، وهو ما لم يكن ليمر مرور الكرام، وتطلب وقفة جادة كانت من الكثير من الكُتاب، الذين سخروا أقلامهم؛ في سبيل توضيح كامل الصورة، ومن زوايا على الرغم من اختلافها إلا إنها ظلت وفية لقضية واحدة ألا وهي (موجة الاستغناء عن الخدمات)، التي تُعتبر نقطة حاسمة في حياة من قد قُدرت له، نقطة يمكن بأن تكون لـ: نهاية تعيسة، أو بداية سعيدة، ستكون كذلك بإذن الله تعالى، ولكنها تحتاج إلى الكثير من الصبر والتحمل، (نعم) الأمر لن يكون هيناً على صاحبه، الذي ستنكمش من أمامه صورة الحياة؛ ليختفي كل ما فيها من ملاحم، سواها المخاوف، ولكن (لا) لن يُقدر له بأن يتجاوز حدوده أمام ذاك القلب الذي سيُضاعف من إيمانه، وسيزيد من ثقته القائمة على حقيقة (أن القادم أفضل بإذن الله تعالى)، فهو كل ما يحتاج إليه؛ كي يصل إليها تلك النقطة، التي سيحتاج فيها إلى الاستعانة بخطة جديدة لاشك ستحمل له الكثير من الخير، الذي سيكون له، وكل ما عليه فعله هو الخروج بحثاً عنها، والحق أن بلوغنا لهذه النقطة من هذا المقال، لا يعني نهايته، ولكن بلوغنا لنصيحة لابد منها اليوم وكل يوم ألا وهي: حتى وإن واجهت من واقعك ما لم تكن على استعداد له، فلا تيأس وذلك؛ لأن كل شيء يحدث لك ومعك لحكمة لا يدركها إلا الله، الذي يختبرك، ويعرف أن الخير الذي تستحقه في مكان آخر ينتظرك؛ كي تنطلق منه، وتحقق كل ما تطمح إليه ولم تتمكن من فعله في السابق؛ لأنك لم تكن في المكان المناسب، وعليه لا تحزن، وكن على ثقة بأن كل ما يحدث لك سيأخذك إليك، وحتى يكون لك ما تريد، فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي (اللهم آمين).