03 نوفمبر 2025

تسجيل

نمو مستدام للاقتصاد القطري

08 مارس 2015

يظهر الاقتصاد القطري قدرة على تحقيق نتائج مرضية على الرغم من تشكيلة التحديات الاقتصادية والسياسية. تشمل المسائل الاقتصادية تراجع أسعار النفط وما لذلك من تأثير على وضع المالية العامة. أما القضايا السياسية العالقة في المنطقة فتتضمن الأوضاع المتقلبة في سورية والعراق ليبيا واليمن.تشمل التطورات الإيجابية الأخيرة القرار النهائي من قبل الفيفا، وهي الهيئة العالمية الحاكمة لكرة القدم، بإجراء مباريات كأس العالم 2022 في قطر خلال فصل الشتاء بدلا من فترة الصيف كما جرت عليه العادة. كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تعتبر الدرجات السائدة في قطر خلال فصل الشتاء بمثابة ربيع بالنسبة لبعض الدول الأوروبية ما يعد توقيتا مثاليا لمباريات كرة القدم.من جملة الأمور، يمنح قرار إقامة البطولة في فصل الشتاء وقتا إضافيا لترتيب الخطط والمشاريع الأمر الذي من شأنه تعزيز فرص الاستثمارات في الاقتصاد الوطني. يتردد بأن قيمة المشاريع المزمع تنفيذها في قطر على مختلف الأمور العامة وخصوصا كأس العالم لا تقل عن 200 مليار دولار. من بين أمور أخرى، يغطي المبلغ تشييد ملاعب لكرة القدم والعديد من مشاريع البنية التحتية مثل نظام للمترو في العاصمة فضلا عن مزيد من التوسع لشبكة الطرق والمنافذ. يعد هذا الرقم ضخما كونه يقترب من حجم الناتج المحلي الإجمالي لقطر وقدره 182 مليار دولار. يشار إلى إن الاقتصاد القطري يأتي في المرتبة الثالثة في المنظومة الخليجية بعد السعودية والإمارات لكن قبل الكويت. بدورهم، يقوم مستثمرو القطاع الخاص بدور حيوي في تطوير الاقتصاد الوطني عبر مشاريع متنوعة في مختلف القطاعات بما في ذلك العقار والضيافة. على سبيل المثال وليس الحصر، هناك مشروع (مشيرب قلب الدوحة) والذي يوصف بأنه أول مشروع مستدام على مستوى العالم لتطوير وسط مدينة عالمية. يتم بناء المشروع على مساحة 31 هكتارا لأغراض متعددة مثل إعادة تطوير وتجديد والحفاظ على المواقع التاريخية في قلب العاصمة فضلا عن تشييد فنادق ومكاتب وشركات للتجزئة إضافة لعدد من المرافق الترفيهية. يتوقع أن يشكل المشروع بعد الانتهاء منه علامة فاصلة حياة بالنسبة لنمط الحياة في الدوحة على أن يخدم زوار كأس العالم. أيضا، لا بد من الإشارة لمشروع لؤلؤة قطر والذي يمتد لمساحة أربعة ملايين متر مربع على جزيرة اصطناعية ويضم مرافق سكنية وتجارية راقية. تقدر بعض الأوساط القيمة الكلية للاستثمارات في لؤلؤة قطر بنحو 15 مليار دولار الأمر الذي يكشف ضخامة المشروع.لا غرابة، تساهم الاستثمارات المحلية والدولية والاستهلاك المحلي الأرضية المناسبة لتسجيل معدلات نمو مرتفعة كما تجلى من تقرير حديث أصدره بنك قطر الوطني. فقد توقع التقرير تحقيق نسب نمو للناتج المحلي الإجمالي قدرها 7 بالمائة و 7.5 بالمائة و 7.9 بالمائة في الأعوام 2015 و 2016 و 2017 على التوالي. نسب النمو هذه فعلية أي بعد طرح عامل التضخم. لحسن الحظ، لا يعاني الاقتصاد القطري من ضغوط تضخمية في الوقت الحاضر. بالعودة للوراء، عانى الاقتصاد القطري من ظاهرة التضخم المستورد ما بين 2007 و 2008 لأسباب تتعلق بالارتفاع التاريخي لأسعار النفط من جهة وتراجع قيمة الدولار الأمريكي من جهة أخرى. يكتسب الدولار الأهمية خاصة بسبب ارتباط الريال القطري الأمريكية فضلا عن تسعير النفط بالعملة الأمريكية. لا شك، ساهم ويساهم تراجع أسعار النفط بتحاشي ظاهرة التضخم المستورد عبر سحب فرضية قيام الموردين برفع أسعار المنتجات المصدرة. يشار إلى أن قطر تستورد غالبية حاجياتها من المواد الغذائية لها بسبب عامل الميزة التنافسية. يتمتع الاقتصاد القطري بمزايا تنافسية في عدد من القطاعات مثل الغاز وإقامة الفعاليات نظرا لتوافر الإمكانيات بما في ذلك الفنادق لكن ليس في مجال الإنتاج الزراعي. تعتبر معدلات النمو هذه مرتفعة في الظروف الطبيعية فضلا في ظل الظروف الحالية والمتمثلة بهبوط أسعار النفط مع الأخذ بعين الاعتبار الأهمية النسبية للقطاع النفطي في الاقتصاد القطري. يلعب القطاع النفطي دورا محوريا بالنسبة لدخل الخزانة والصادرات وأنشطة الناتج المحلي الإجمالي في قطر.اللافت في هذا الصدد مساهمة القطاعات غير الهيدروكربونية لاسيما البناء، والخدمات المالية والعقارات في تحقيق مستويات النمو، وربما تزداد أهمية هذه القطاعات في إطار الاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم. وتبين حديثا بأن أربعة قطاعات اقتصادية تستقطب أكثر من غيرها للاستثمارات من المصادر المحلية والأجنبية تاركة آثارا إيجابية على مجمل النشاط الاقتصادي. هذه القطاعات عبارة عن التعدين، والصناعة التحويلية، والبناء والتشييد فضلا عن أنشطة الخدمات المهنية والعلمية والفنية والإدارية.كما يساهم تدفق المغتربين للبلاد للعمل في مختلف الأنشطة الاقتصادية إلى تعزيز النمو عبر الاستهلاك. يعتقد بأن الأجانب يشكلون أكثر من 85 بالمائة وربما 90 بالمائة من مجموع السكان والذي يقدر عددهم قرابة 2.2 مليون نسمة. تؤكد هذه الحقيقة بأن الاقتصاد القطري منفتح بشكل نوعي بالمقاييس العالمية في الوقت الذي تضع العديد من الدول عراقيل أمام العمالة الأجنبية لحصر الفرص الوظيفية بالمواطنين. على صعيد آخر، لا مناص للاقتصاد القطري للتغلب على الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط على النظام المالي في خضم توقعات بحصول عجز في الموازنة العامة للفترة ما 2015 حتى 2017. فاستنادا لتقرير بنك قطر الوطني، ربما يشكل عجز الموازنة العامة نحو 2.2 بالمائة في 2015 مرتفعا إلى 3.4 بالمائة في 2016 و 3.7 بالمائة في 2017. في المجموع، تشير الإحصاءات المتوافرة بأن الاقتصاد القطري يمر بظروف حسنة انعكاسا لسياسات الاقتصاد السياسي من قبيل الظفر باستضافة كأس العالم لكرة القدم الأمر الذي يتطلب استثمار أموال في قطاعات شتى تخلف وراءها آثارا إيجابية.