11 سبتمبر 2025
تسجيلالكوارث شيء طبيعي والابتلاء ماض إلى أن تقوم الساعة، سواء للمؤمنين والكافرين، بالنسبة للمؤمن الذي صبر فهو طهور ورفعة درجات، أما للكافر فهو عاجل عقوبة وتخويف لعلهم يرجعون، وأشد الناس بالابتلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، ويُبتلى الناس على قدر دينهم، ابتلي الصحابة في الطاعون وهم خير الناس بعد الأنبياء، وتوفي منهم عدد كبير من الصحابة ومن ذرياتهم، ولم يتلقوا ذلك إلا بالصبر والاحتساب، ومن قضى من المسلمين سواء في تركيا أو سوريا فله أجر الشهيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون، المبطون، الغريق، وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله)، من توفي فقد قضى إلى ربه، المطلوب منا الأحياء أولا أن نحسن الظن بالله تعالى بأنه لا يُقدر شيء إلا لحكمة وهو سبحانه وتعالى القائل: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر 10]، وأن نعين أهلنا بما نستطيع، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسْلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) ضحايا الزلزال ينتظرون نجدة إخوانهم الله أراد أن يستخرج من أنفسنا عبودية نجدة إخواننا المسلمين، فالواجب على كل من يستطيع أن يقدم أي نوع من المساعدة أو الإعانة أن يبادر بقدر ما يستطيع والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ونرجو من جميع المسلمين الدعاء لهم أن يخفف مصابهم وأن تقفوا معهم وتدعموا الجمعيات التي تساعدهم وتقوم برعايتهم، ولا تنسوا إخوانكم بالدعاء والدعم إن استطعتم ماديا فالمسلم أخو المسلم، والمسلمون كالجسد الواحد. ونداء خاص لإخواننا السوريين في الخارج ومن أنعم الله عليه بنعمة الأمن والمال، لا تنسوا إخوانكم، كثير منهم راحت بيوتهم وفقدوا أحبتهم والبعض منهم بحاجة لعمليات جراحية وما زال كثير منهم تحت الأنقاض الله يعلم بحالهم. وأن نتذكر دائما أن هذا نذير لنا نحن فالبلاء حصد من حصد وأنذر من بقي، قال الله تعالى (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) [الأنعام: 42]،، فعلينا أن نحذر أن يكون ممن قال الله فيهم: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 43]، فيجب علينا أن نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى ونتوب إليه من تقصيرنا، ونحن ننظر إلى البنايات الشاهقة التي تنهار بسبب، هل كان أحد من سكان هذه البنايات يتصور أن يحدث هذا، بالتأكيد لا، وهذا يدل على أنه لا أحد منا بعيد عن البلاء، نسأل الله أن يرحم من قضى نحبه منهم وأن يخفف عن المصابين وأن يجبر كسرهم ويشفي مرضاهم، ويأوي شريدهم ويجعل لهم من لدنه نصيرا، وتعودنا أن تتصدر بلادنا بقيادة سمو الأمير المفدى الدول التي تقدم مساعدات للأشقاء والأصدقاء، وها هي أيادي الخير القطرية ترفد بكل طواقمها الأمنية والمدنية والإسعافية والصحية بقيادة الهلال الأحمر القطري وصلوا إلى مواقع الأحداث ويقدمون الغالي والنفيس من أجل أشقائهم وإخوانهم المسلمين. لماذا كان الزلزال بهذا الدمار العنيف؟ كان الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا المجاورة أول أمس الإثنين مدمراً جدا وخلف أعدادا هائلة من الضحايا، والسبب مجموعة من العوامل تتمثل في توقيته وموقعه وخط صدع هادئ نسبيًا منذ قرنين ومبان مشيدة بشكل سيئ، وفق ما قاله علماء. قد يكون أحد أكثر الزلازل تسببا في وقوع ضحايا خلال السنوات العشر الماضية، حيث تسبب في صدع وانهيارات امتد لما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية. وخلال القرن العشرين، لم يتسبب فالق شرق الأناضول في نشاط زلزالي كبير، وقال روجر موسون، وهو باحث فخري في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية "إذا تتبعنا الزلازل (الكبيرة) التي سجلتها مقاييس الزلازل، فلن نجد شيئا يذكر". ولم تسجل المنطقة سوى ثلاثة زلازل فقط بقوة ست درجات منذ عام 1970 وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، لكن في عام 1822 تعرضت المنطقة لزلزال بقوة سبع درجات، مما أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص، والمتوقع أن تزيد حصيلة الزلزال الحالي إلى ما يقارب هذا العدد أو أكثر. * لماذا كان الأمر شديد الخطورة؟ وقع الزلزال عند الساعة 4,17 ص (01,17 ت غ) ووجد النائمون أنفسهم عالقين عندما انهارت منازلهم، بحسب روجيه موسون، الباحث في هيئة المسح الجيولوجي البريطاني، كما أن بنية المساكن "لا تتوافق بالفعل مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة"، على ما أوضح لوكالة فرانس برس هذا الباحث الذي ألف كتاباً حول الهزات الأرضية. ويمكن تفسير ذلك بأن الصدع الزلزالي، حيث هذه المساكن، كان هادئًا نسبيًا في الماضي. كسرة أخيرة أسأل الله أن يحفظ إخواننا والمسلمين جميعا في تركيا وسوريا إثر الزلزال الذي حدث يوم الإثنين، اللهم لا تقتلنا بغضبِك ولا تهلِكنا بعذابِك وعافنا قبل ذلك، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم، وأبدل بؤسهم فرحا، وخيبتهم أملا، وكربهم فرجا، وفقرهم غنى، وتعبهم في الحياة راحة، واجعل لنا هذا البلاء عظة وزيادة لنا في الإيمان، وقال الله تعالى في محكم تنزيله: (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). والله المستعان