11 سبتمبر 2025
تسجيلالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.. "قل هو الله أحد*الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفوا أحد" .فبلاد الحرمين الشريفين جزيرة العرب، حصن التوحيد ومهبط الوحي والقرآن المجيد ومثوى سيد الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وسلم- قيض لها الله من عباده الموحدين من رجال القبائل من أحزنهم ما آلت إليه جزيرتهم من التشرذم والتفرق، وما دخل على عقيدة التوحيد من الضلالات والبدع، بعد صفاء السريرة ونقاء العقيدة على يد نبي الأمة وصحابته الكرام -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين- فهبت أسود الجزيرة من آل سعود هبة الغيورين على دينهم وأرضهم، جامعين حولهم الغيورين من أمثالهم من أهل الدين والخير والصلاح من أهلها فكان لهم ما أرادوا بفضل الله -عز وجل-، وتلاحمت قوة السياسة والعزم مع قوة الدين واليقين فكان التحالف بين الأمير محمد بن سعود آل مقرن والشيخ محمد بن عبدالوهاب والتعاهد على حمل الدعوة على عاتقهما والدفاع عنها والدعوة للدين الصحيح الذي جاء به نبي هذه الأمة محمد بن عبدالله -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام من المهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم وأرضاهم- ومحاربة ما علق بهذه الدعوة من البدع والضلالات في جميع أرجاء جزيرة العرب.لقد كان هذا التحالف فاتحة خير على جزيرة العرب كلها وأهلها قاطبة بمشورة السيدة الفاضلة زوجة الأمير محمد بن سعود حين وفد الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الدرعية فقالت قولتها السديدة: (هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة، فاغتنم ماخصك الله به) وكذلك هن نساء العرب والمسلمين ذوات رأي سديد وعقل رشيد، فقبل قولها وتعاون مع الشيخ وأخبره أنه يمنعه مما يمنع منه نساءه وأولاده، واستقبله بغاية الإكرام والتبجيل بقوله: (أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة) وهكذا حال الرجال الأقوياء أهل الصلاح والخلق القويم يناصرون من يشابههم لنصرة الدين، فرد عليه الشيخ بقوله: (أنا أبشرك بالعزة والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد وأول مادعا إليه الرسل -صلوات الله عليهم وسلامه- من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبق عليها الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعضا، فأرجو أن تكون ممن يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك) وهكذا كانت كلمة صدق، صدقا الله فيها فصدقهما، وقيض الله لجزيرة العرب هؤلاء الرجال الأفذاد الذين خلصوا الجزيرة ودين الإسلام من البدع والضلالات والشركيات ودعوا للرجوع إلى أصول الدين، وكان الاهتمام الأكبر بأخلاق المسلمين وتصحيح عقيدتهم وتنقيتها من الشوائب التي علقت بها، وشرعوا في تقويتها وترسيخها حتى سادت الدعوة جزيرة العرب، وقلت المشاكل في مجتمعها، فانعدمت السرقات وحروب الاعتداءات والثارات وشرب الخمور، وساد الأمن والأمان، فأصبحت الطرق أكثر أمنا وأمانا بعد أن كانت مصدر المتاعب للناس في حركتهم وطريقهم للحج، فأمن الناس على أنفسهم وأحوالهم وأعراضهم من قطاع الطرق ونهب القوافل خصوصا قوافل الحجيج .وقد مكن الله -عز وجل- لهذه الأسرة الكريمة منذ آبائها الأولين حين رفعوا راية التوحيد في الآفاق وحتى مؤسس المملكة العربية السعودية في العصر الحديث الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -عليه رحمة الله تعالى- الذي وحد البلاد كلها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها بما آتاه الله من الملك والقدرة والعزم والحكمة وفصل الخطاب، فسقاها أبناؤه مع القرآن الكريم وسنة النبي الكريم ومعرفة تاريخ أمتهم العظيم التي سادت الدنيا بعظمتها وستعود إليه ما دامت تلتزم بوصية نبيها الكريم "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي" وهذا ما قامت عليه بلاد الحرمين الشريفين. فكان قادتها بعد والدهم وحتى الآن بحق رجالا حملوا أمانة الحكم والدعوة بكل جد وعزم وصدق وعمل، فكانت المملكة العربية السعودية التي نص النظام السياسي للحكم في المادة الأولى منه على: أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم – ولغتها هي اللغة العربية وعاصمتها مدينة الرياض. ونصت المادة الثانية على أن (عيدا الدولة هما عيد الفطر والأضحى وتقويمها هو التقويم الهجري). أما المادة الثالثة فنصت على أن: (يكون علم الدولة كما يلي: لونه أخضر، وعرضه يساوي ثلثي طوله تتوسطه كلمة – لا إله إلا الله محمد رسول الله – تحتها سيف مسلول ولا ينكس العلم أبدا). فببركة شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله لم ينكس علمها أبدا، وببركته أصبحت المملكة العربية السعودية تاجا على رؤوس الأوطان، وبفضل الله -تعالى- عليها وحكمة وحنكة قادتها وجهود المخلصين من أبنائها أصبحت في مصاف الدول المتقدمة التي يحسب لها ألف حساب عند التعامل معها على المستوى الإقليمي والعربي والإسلامي والعالمي. ولاعجب فهي قلب الأمتين وصمام أمان العالمين وسيدة العالم بلا منازع .إن المملكة العربية السعودية مصدر عز وافتخار للمسلمين جميعا باعتمادها الشريعة الإسلامية دستورا لها في حكمها، إنها الدولة الوحيدة في العالم التي بقيت محتفظة باعتماد التاريخ الهجري في مجريات أمورها، إنها تحظى بمكانة عالية بين دول العالم قاطبة، نظرا لموقعها الاستراتيجي ومكانتها التاريخية والدينية والحضارية فهي تضم على أرضها الحرمين الشريفين (المكي والمدني) قبلة ومهوى فؤاد المسلمين من كافة بقاع الأرض وتحظى بعلاقات ودية طيبة مع كافة الدول عربيا وعالميا. وهي صمام الأمان للعالم، فبإشارة منها بدعوتها للجهاد سوف تهب الأقطار الإسلامية برمتها معها فهناك أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين ينتظرون منها هذه الإشارة فقط لتلبية "حي على الجهاد"، وحينها سوف يعلم العالم الصليبي الحاقد ومن سانده أي منقلب ينقلبون .إن مداد القلم لا يكفي لتسجيل مآثر المملكة العربية السعودية الكثيرة ومواقفها الكبيرة والعديدة والعظيمة في العالم أجمع، ولكننا سنقف عند الأمر باهتمامها الكبير والعظيم بالحرمين الشريفين وضيوف الرحمن على مدى الأعوام والسنوات العديدة والتوسعات العديدة وتسخير كافة الموارد البشرية والاقتصادية والصحية والسياسية والخيرية للوافدين على أراضيها من ضيوف الرحمن، وخاصة عند التوسعة الكبيرة للمسجد الحرام في مكة في المنطقة الشمالية للحرم، والتوسعة في المسجد النبوي من الجهة الشرقية، حيث يعد مشروع التوسعة في عهد الملك عبدالله -عليه رحمة الله- درة الأعمال الجليلة التي اضطلع بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمة الله عليه- في خدمة الإسلام والمسلمين وحظي بعنايته ورعايته وإشرافه الشخصي امتنانا لله -عز وجل- الذي شرف هذه الدولة بحمل أمانتها منذ مؤسسها ومن جاء بعده من أبنائه البررة الذين ساروا على النهج الذي رسمه والدهم، نهج المحافظة على عزة الإسلام وتطبيق مبادئه وشريعته وخدمة الحرمين الشريفين دون كلل أو ملل، وسخرت كافة الإمكانيات التي حباها الله -تعالى- لخدمة حجاج بيت الله الحرام وعماره والزائرين كافة فنعموا بفضل من الله بالأمن والأمان لم يمسسهم سوء، لم ينعموا به في أي عهد من العهود السابقة لقيام المملكة العربية السعودية . لقد بادرت قيادتها بالإنفاق بسخاء والاهتمام بعمارته والوافدين إليه من كل حدب وصوب فاق كل تصور ووصف ابتغاء رضوان الله -عزوجل- وطمعا في مثوبته سبحانه متمثلين قول الله: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)، واقتداء بسنة السلف الصالح في الاهتمام بعمارة الحرمين الشريفين الذي بدأ في عصر الخلفاء الراشدين -رضوان الله عليهم- حتى عهد الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده -غفر الله لهم وطيب ثراهم- ووفق العاهل الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز – خادم الحرمين الشريفين – رجل المرحلة الحاسمة من تاريخ هذه الأمة العظيمة، الذي حمل الراية من بعدهم نحو الخير في حزم الأمر والعزم على العزة والنصر، وما ذلك على الله بعزيز، خاصة بعد أن كشفت الأمم الضالة عن أنيابها، وأبدت سوء نياتها نحو العرب والمسلمين، وسقطت ورقة التوت التي كانت تستر شيئا من عوراتها، وقلبت ظهر المجن على من ادعت أنهم حلفاؤها، وسنت ألسنتها للنيل من مكانة المملكة، وكيل الاتهامات لها، ولا شك أنهم يقصدون العرب كافة والمسلمين قاطبة، فقد قالوها صراحة : "إنها حرب صليبية"، وصدق كبيرهم الذي شن الحروب علينا، وقتل الحرث والنسل، وقتل العباد ودمر البلاد، وعاث في الأرض ظلما وعدوانا، وصدق الله العزيز العليم في وصفهم: "كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون*اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون*لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون" الآيات 8-10التوبة، وكان موقف الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله وحفظه- ونوابه بحزم وقوة ضد هذا الصلف العدواني معتمدين على الله عز وجل متمثلين قوله سبحانه "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل(173)، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (174) إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (175) ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم (176)" آل عمران، وكان رد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على الاتهامات في اللقاء الصحفي بمثابة الصفعة لهم حين فند الاتهامات الموجهة للملكة العربية السعودية بأنها لا تستند إلى دليل بقوله: (نحن نحترم قانونكم وعليكم احترام قوانيننا، وأنتم تنتقدوننا لأننا لا نقوم بدور قيادي وأن الغرب لا يمكن أن يكون شرطي الخليج، ولا يمكن أن يحميه الغرب، وغيرها من الاتهامات في الإعلام البريطاني، حددوا موقفكم بالضبط، تريدوننا أن نتولى القيادة أو أن ندعم فقط، وإذا دعمنا من سيتولى القيادة)، ولكن هيهات هيهات، فقد بدأ عهد الحزم والعزم مع معطيات قضايا الأمة المصيرية، وإن غدا لناظره قريب، وقد كشف الله -سبحانه- لنا نياتهم فقال فيهم "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى* ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير" (120) البقرة، ولا يكتفون بذلك بل ينتقدون المملكة العربية السعودية في لقاءاتهم ومنتدياتهم العالمية للتقليل من شأنها حسدا وحقدا، سبحان الله "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله" الآية (54) النساء .وعندما يأتي أحد الحاقدين والمتشدقين فينتقد المملكة العربية السعودية وينفث بذور الفتنة بينها وبين جيرانها ويقلل من مكانتها العالمية وسط دول العالم أجمع. فإنما يلعب بنار الفتنة التي سوف تحرقه قبل غيره، وقد فعل خيرا وزير الخارجية القطري د. خالد بن محمد العطية، حين لقنهم درسا وألقمهم حجرا في معنى الأخوة بين دول الخليج وشقيقتهم الكبرى المملكة العربية السعودية، وأوضح أن العالم أجمع بحاجة إليها برده الحازم الجازم، حين قال ( أنا لا أوافق تماما، فالمملكة العربية السعودية دعامة العالم الإسلامي وتتمتع بقوة أخلاقية داخل مجلس التعاون الخليجي مع شقيقاتها، والمملكة العربية السعودية ترعى الحرمين الشريفين، ولولا الخطاب المعتدل الذي يصدر عن السعودية اليوم، فهناك مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، علينا أن نثني على السعودية في مسألة إبقاء القطار على مساره الصحيح فيما يتعلق بالحفاظ على الاعتدال في الإسلام، مهما سمعنا هنا وهناك عن مشاعر مضادة، إذا أردتم أن تروا الأمور بوضوح حاولوا أن تنظروا إليها عن كثب، وأن تروا المنافع التي تنتج عن رعاية هذين الحرمين لكل المسلمين في العالم والحفاظ على الاعتدال .هناك مسلمون في إندونيسيا مرورا بأوروبا وصولا إلى المغرب، إن السعودية تلعب دورا كبيرا جدا في استمرار هذا الاعتدال) انتهى. نعم لقد انتهى عهد الحلم وبدأ عهد الحزم والعزم .إننا شعوب الخليج والجزيرة العربية رجالا ونساء شيبانا وشبانا كبارا وصغارا ندين لربنا بشهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله عليها نحيا وعليها نموت وعليها نبعث إن شاء الله، و نحب سلاطيننا وملوكنا وأمراءنا وشيوخنا، فهم منا ونحن منهم، وهم كالشامة البيضاء بين زعماء وقادة العالم أجمع، وهم تيجان على رؤوس الآخرين، ولهم منا الولاء والطاعة والنصرة ما داموا سائرين على منهج الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وتطبيق شريعته، ولن نرضى بغيرهم بديلا. وفقهم الله وسدد خطاهم إلى ما يحبه من رفعة الإسلام وعزة العرب والمسلمين ونصر من الله وفتح قريب "قل يأيها الكافرون* لا أعبد ما تعبدون* ولا أنتم عابدون ما أعبد*ولا أنا عابد ما عبدتم*ولا أنتم عابدون ما أعبد*لكم دينكم ولي دين" وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .