03 نوفمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد القطري يواصل تألقه

08 فبراير 2015

يمر الاقتصاد القطري بظروف حسنة، على الرغم من الانخفاض الحاد في أسعار النفط نتيجة تبني خيارات اقتصادية حكيمة مثل استخدام متوسط سعر منخفض لبرميل النفط عند احتساب إيرادات الموازنة العامة.. مما لا شك فيه، يعد القطاع النفطي بما في ذلك النفط والغاز المصدر الرئيسي للإيرادات، والتي بدورها توفر التمويل اللازم للإنفاق الحكومي. تم إعداد موازنة السنة المالية 2014/15 والتي سوف تنتهي بنهاية شهر مارس عبر استخدام متوسط سعر قدره 65 دولارا للبرميل.. صحيح، يعد هذا الرقم أقل من الأسعار السائدة في أسواق النفط الدولية هذه الأيام لكنه يبقى متميزا.. اللافت أنها المرة الثالثة على التوالي التي يتم فيها افتراض متوسط سعر 65 دولارا للبرميل ما يؤكد بأن تبني اعتماد خيارات محافظة سياسة اقتصادية قائمة. وحسب تقارير معتمدة، النفط القطري كان يباع بمستوى أعلى من المتوسط المعتمد في الأشهر الأولى من السنة المالية والتي بدأت في أبريل عام 2014. وعلى هذا الأساس، ليس من المستبعد عدم حصول اختلافات جوهرية بين الأرقام المعتمدة والنهائية للسنة المالية الجارية. المعروف بأن السلطات المسئولة أعدت موازنة 2014/15 بإيرادات ونفقات قدرها 62 مليار دولار و 60 مليار دولار على التوالي ما يعني افتراض وجود عجز دفتري قدره ملياري دولار. لكن في نهاية المطاف، تم تسجيل فائض بنحو 17 مليار دولار في موازنة 2013/14 مشكلا قرابة 9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي والذي قدر حينه بنحو 189 مليار دولار.إضافة إلى ذلك، يوجد توقع بتحقيق الناتج المحلي الإجمالي القطري نموا فعليا بعد تعديل مؤشر التضخم في حدود 7 بالمائة خلال 2015، ما يعد لافتا للنظر لمستوى التحديات والتي تشمل هبوط أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. تقترب هذه النسبة من تلك المعتمدة من قبل الجهات الدولية ذات العلاقة مثل صندوق النقد الدولي.. وتعتبر نسبة النمو هذه الأفضل على نطاق مجلس التعاون الخليجي.تعود قدرة الاقتصاد القطري على تحقيق أداء نوعي لأسباب تشمل شبه غياب معضلة التضخم.. وقد تعزز غياب العوامل التضخمية مع ظاهرة تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.. ويعتقد بأن معدل التضخم في قطر في الوقت الحاضر يحوم حول 3 بالمائة وهي من النسب الطبيعية في العالم. بالعودة للوراء، عانت قطر من معضلة تضخم من رقمين ما بين عامي 2007 و 2008 على خلفية ارتفاع أسعار النفط وصولا للرقم القياسي وقدره 135 دولارا للبرميل.. لغرض التعويض، شعرت الدول المصدرة المستوردة للنفط بوجود الحاجة لرفع أسعار منتجاتها الموجهة للتصدير أينما كان ممكنا. كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تستورد قطر النسبة الأكبر من حاجياتها الغذائية من الخارج.. ومرد ذلك تمتع الاقتصاد القطري بميزة تنافسية في قطاعات معينة مثل الغاز والطيران ولكن ليس بالضرورة في مجال الغذاء.. لا شك، يقتضي الصواب التركيز على مواطن القوة، إذ ينطبق هذا المبدأ على الاقتصاديات والمؤسسات والأفراد.من ناحية أخرى، تعود إمكانية تحقيق نمو نوعي في الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملحوظ إلى قوة الإنفاق الحكومي.. تبلغ القيمة النقدية للمشاريع الموجهة للإنجاز خلال فترة خمس سنوات نحو 182 مليار دولار وهو رقم يقترب من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وهي من الحالات النادرة على مستوى العالم.. ويمكن اعتبار هذا الرقم مبالغا فيه بالنظر لتخصيص 62 مليار دولار كنفقات للسنة المالية المستمرة حتى نهاية مارس. من جملة الأمور، تشمل المشاريع التنموية تشييد شبكة مترو تضم عشرات المحطات فضلا عن بناء مجمعات سكنية وتجارية ورياضية، وذلك في إطار جهود إعداد البلاد لاستضافة كأس العالم 2022. طبعا، يضاف لذلك استثمارات القطاع الخاص على مشاريع متنوعة في قطاع الضيافة على سبيل المثال. من جهة أخرى، وامتدادا لسياسة تعزيز الاستثمارات الدولية، استحوذت الخطوط الجوية القطرية قبل فترة قصيرة على نحو 10 بالمائة من أسهم شركة آي أي جي المالكة للخطوط الجوية البريطانية.. ومن شأن هذه الشراكة تعظيم مصالح الخطوط الجوية القطرية في بعض النقاط العالمية مثل الأمريكتين الشمالية والجنوبية. المعروف، أن الخطوط الجوية البريطانية تسيّر رحلات إلى العديد من المدن الأمريكية مع تكرار الرحلات لوجهة نيويورك والتي تمتلك في مطار كنيدي مبنى خاصا. ويمكن تفهم هذه الشراكة في إطار رغبة الخطوط الجوية القطرية بالاستفادة القصوى من مطار حمد الدولي والذي تم افتتاحه في عام 2014 وهو مقر للخطوط الجوية القطرية. وفي نفس إطار مجال الطيران، استحوذت الخطوط الجوية القطرية على نسبة 20 بالمائة من مركز الخطوط الجوية البريطانية في مطار هيثرو بلندن.. تتماشى هذه الخطوات مع انضمام قطر لتحالف وون وولد في عام 2013 وهو التحالف الذي يضم مجموعة من شركات الطيران بما في ذلك الخطوط الجوية البريطانية. كما هو الحال مع الإمارات، لكن خلافا لبعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا يعاني الاقتصاد القطري من معضلة بطالة بين المواطنين، الأمر الذي يفسح المجال لتبني خيارات إستراتيجية. فحسب تقرير حول البطالة في الدول العربية ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، يبلغ معدل البطالة في أوساط العمالة المحلية أقل من 1 بالمائة أو تحديدا 0.6 بالمائة، لكن ترتفع هذه النسبة إلى 1.7 بالمائة بين الشباب، ما يؤكد بأن البطالة لا تمثل تهديدا.في المحصلة، يعيش الاقتصاد القطري أوضاعا ليست صعبة قياسا ببعض الدول الأخرى في المنطقة وخصوصا تلك التي افترضت متوسط سعر مرتفعا للنفط عند إعداد الموازنة العامة. لكن يبقى التحدي قائما وربما تحدث مفاجآت غير متوقعة مثل ظاهرة هبوط أسعار النفط في فترة قياسية.