15 سبتمبر 2025
تسجيلالشعور بغياب ملامح الأمان، التي تبعث في النفس راحة تُمكنها من تحمل الظروف القاسية التي تحيط بها يكسر شوكة المرء، ويعتصر قلبه حين يفرض عليه عيشة لا يقبل بها، ولكنه يُجبر عليها، فنجده وحين يفعل يُقدم على أشياء لا ولن يشعر بقيمتها، فيبدو وكأنه الحاضر الغائب، الحاضر بجسده والغائب بروحه التي تبحث عن الأمان، ولكنها تفتقده حيث هي، وهو ما سيجعلها أي تلك الروح تشعر بغربة تفيض بها، وتخطف منها كامل حقوقها التي قد تبدأ بابتسامة بسيطة يمكن بأن تمسح الألم وتحوله إلى أمل، (الأمل) بأن يدوم لدقائق؛ كي تتمكن تلك الروح من معرفة ما يحدث معها ولها، ولا تدرك عنه سوى أنه يخنقها وبشدة وإن كانت في موطنها؛ لتصرخ عالياً وبحروف لا يسمعها سوى من يعيش ما تعيشه ويُعرف باسم (الغربة).إن الغربة التي يعيشها المرء تبدأ من تلك اللحظة التي يغيب معها ظل الأمان النفسي، الذي يحتاجه؛ كي يمضي في حياته، حتى وإن كان في جحر يضيق به ولا يسمح له بفعل أي شيء يروق له ويمكن بأن ينسى معه همومه، فالغربة لحظة ممتدة تبدأ حين نفقد الأمن والأمان ومن قبلهما (الإيمان)، وتنتهي حين ندرك كل ذلك وعلى رأسهم جميعاً (الإيمان)، الذي يقربنا من الله أكثر، ويجعلنا ندرك بأن كل ما يحدث ويكون لحكمة يدركه دون أن نفعل، فإن صدقنا ذلك شعرنا بسعادة تجعلنا نعيش بأقل القليل دون أن نطالب بأكثر من ذلك، فالقناعة محطة أساسية نحتاج إليها إن كان شبح الغربة يطل علينا بين الحين والآخر مُهدداً، كما أنها تعكس إيماننا، فوحده المؤمن من يدرك معنى القناعة وأهميتها في حياته، فإن غابت عنه بدأت الغربة تعبث به؛ لتجعله يعيش دون أن يدرك ما يجري من حوله لمن حوله، فيمضي به العمر وهو يبحث عن سراب كان من الممكن بأن يعيش بخير بعيداً عنه حيث يكون إيمانه. الغربة تأخذ من العمر الكثير، والسماح لها بأن تمتد بجذورها في أعماقنا يجعلنا نضيع الكثير من اللحظات الجميلة التي يمكن بأن نتمتع بها، ونحن أقرب إلى الله، وأقرب إلى ما ومن نحب؛ ولأن مجتمعنا يفيض بكثير ممن يعانون من الغربة التي تُبعدهم عن الحياة، فلقد وجب على صفحة الزاوية الثالثة بأن تأخذ بخاطرهم؛ لتكشف وتكتشف ما يعانون منه بين زاويا هذه الصفحة، ونأمل بأن نخرج من هذه المشاركات بالمُراد إن شاء الله.من همسات الزاوية الثالثةالغربة ليست تلك التي تُفرض عليك؛ لتشعر معها بأنك لم تكن يوماً، وليست تلك التي تقسم بأن تلازمك والمسافات تجري بك بعيداً عن الوطن، ولكنها تلك التي تفرضها أنت حين تقبل بأن تقذف بذاتك داخل قفص يُبعدك كل البعد عن الحياة الطبيعية التي تستطيع فعل ما تريده معها وبها، وكما تريد. إن كل ما تحتاج إليه؛ لتنفض الغربة من حولك، أي تلك الغربة التي يمكن بأن تلازمك وأنت في قعر دارك هو أن تقترب إلى الله، فوحده الملاذ الذي يمكن بأن تعود إليه، وتعتمد عليه، فإن شعرت بروعة ذلك وبصدق؛ لشعرت بأمان سيدهس كل مخاوفك، وسيقضي على تلك الغربة التي يمكن بأن تطل عليك، غير أنها لن تجد لها مكاناً يتسع لها؛ لأنك وبكل بساطة لم تكن لتسمح لها بأن تكون، فحين يعيش الإيمان تموت الغربة، ووحدك فقط من تستطيع قتلها تلك الغربة فلا تكون أبداً.