12 سبتمبر 2025

تسجيل

السياسة الإماراتية بين الصرع والقلق الوجودي

08 يناير 2019

عند مناقشة السياسات الإماراتية، فإننا لا نتعامل مع حالة من الوعي والتخطيط، وإنما مع حالة تعكس اضطرابات نفسيةً وخللاً في إدراك الواقع، مما يدفعنا إلى قراءتها وتحليلها من زاوية نفسية، لنستطيع الإلمام بأبعادها، ونتمكن من وضع تصورات لما يمكن أن تكون عليه في المستقبل. 1) الصرع: هو مرض عصبي يسبب حالات من التشنجات التي يفقد المريض خلالها القدرة على السيطرة الذهنية، فينفصل عن العالم الحقيقي. فأنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، يعاني من نوبات صرع عنيفة تبدو واضحةً في تغريداته. فعندما قام وزير الأركان الإيراني بزيارة إلى جزيرة أبو موسى، وهي إحدى الجزر الثلاث التي تتنازع الإمارات وإيران عليها، وأطلق تصريحات عن أن بلاده ستدافع عن وحدة أراضيها، كنا ننتظر من قرقاش، أن يطلق تغريدةً ناريةً يؤكد فيها على سيادة بلاده على الجزر الثلاث، ويهدد بتجميد الأموال الإيرانية، وإيقاف تجديد تأشيرات العمل للإيرانيين، وهو الحد الأدنى للتصرف المطلوب من دولة تدعي أنها تواجه النفوذ الإيراني، لكنه أصيب بحالة صرع واكتفى بالتغريد ضد تمثيل بلادنا لأمتنا العربية باستضافة مونديال 2022م، لأنه يعلم جيداً أن مواجهة إيران هي آخر ما يشغل قيادة أبوظبي المنشغلة مع القيادة السعودية بتدمير اليمن واحتلال أجزاء منه، والتخطيط لتقسيم سوريا، وزيادة تهميش مصر وإضعافها، ودعم الإرهابيين في الصومال. ونحن لا نستغرب منه هذا الموقف لأننا نعي أبعاد اللعبة المتصهينة التي تقوم بها قيادته في المنطقة كلها، وندرك أن انهيار أحلامها الإمبراطورية يؤثر سلباً على قوة اندفاعاتها السياسية الرعناء، فتندفع بالتالي للاستعانة بمخزونها الضخم من خبراتها في صياغة الأكاذيب والادعاءات التي تكشف وجهها القبيح، وتفضح دورها الشائن في تعطيل أي نهضة أو تغيير ديمقراطي في ديارنا العربية. 2) التفارق: هي حالة من الانفصال عن الواقع، وخير مثال عليها هو الدكتور عبد الخالق عبدالله، مستشار ولي عهد أبو ظبي. فبعد أن كان طوال العقدين الماضيين عروبياً ينادي بالحريات والديمقراطية، تحول إلى بوق لتمجيد الاستبداد، وداعية للقبول بالمشروع المتصهين في عالمنا العربي. فهو يمجد دائماً بالإمارات كنموذج عروبي حضاري، ويصر على أنها مركز القرار العربي، متناسياً أدوار قيادته في احتقار الإنسان العربي من خلال دعم الثورات المضادة التي أتت بالقميء السيسي رئيساً لمصر، وبخليفة حفتر قائداً لميليشيات همجية في ليبيا، والأخطر من ذلك، دورها في دعم النظام الأسدي منذ بدايات الحراك الشعبي السلمي للشعب السوري، حيث كانت بنوك دبي هي الممر الرسمي للتمويلات الإيرانية للنظام، ولعمليات غسل الأموال التي كانت تموّل الجماعات الإرهابية كداعش وجيش الإسلام وسواهما من جماعات أنشأتها واحتضنتها السعودية والإمارات لتخريب الثورة السورية من الداخل. واليوم، تعتقد قيادة بلاده أنها تجني فوائد مستحقة لأدوارها الشائنة فتقوم بإعادة العلاقات مع النظام السوري وكأنها تقول للسوريين وللشعوب العربية: لا تحلموا بأن تكونوا أكثر من رعايا لا حق لهم إلا في الخضوع والقبول بالحياة التي لا تليق بإنسان حر ذي إرادة. أما عن اعتباره للإمارات كمركز للقرار العربي، فهذه مقولة ترفضها الشعوب التي تعي جيداً أن أبوظبي ليست أكثر من واجهة صغيرة لمشروع متصهين يعادي الإسلام والعروبة. 3) القلق الوجودي: وهو حالة مرضية من الخوف من المستقبل تدفع بصاحبها، أحياناً، إلى الاختلاق ومحاولة إيجاد جذور تاريخية مجيدة له. وبالطبع، فإن ضاحي خلفان هو الممثل الأعظم لإصابة قيادة بلاده بها، فنجده يتحدث عن تاريخ إماراتي مستقل حضارياً وممتد لآلاف السنين، وعن آثار لمجمعات تجارية ضخمة تم بناؤها في دبي قبل ظهور الإسلام. ويتعاظم هذا المرض حينما يحاول ضاحي والطبالون الاستيلاء على تاريخ عُمان التي كانت الإمارات جزءاً منها في سجلات التاريخ، فينسبون القائد الأموي العماني: المهلب بن أبي صفرة إليهم، كما نسبوا ظهور الكاباتشينو إلى (حضارتهم) التي لا يؤمن أحد بها، ولم يكن لها دور إلا كجزءٍ تابع للآخرين. [email protected]