18 سبتمبر 2025

تسجيل

جريمة تنافي القيم الأخلاقية والإنسانية

08 يناير 2015

صدمة شديدة أصابت العالم امس من الهجوم الغادر الذي تعرض له مقر الصحيفة الفرنسية "شارلي إيبدو" وراح ضحيته صحفيون عزل، في مخالفة لكل الأعراف القانونية والإنسانية والدينية مهما كانت الذرائع والمبررات. وقد ادعى هؤلاء المتشددون أنهم انتقموا للنبي صلى الله عليه وسلم في قضية الرسوم المسيئة، وما كانت هذه سيرته صلى الله عليه وسلم مع المخالفين والناقمين والمنافقين، ولا أدل على ذلك من عبد الله بن أبي بن سلول، كما أنه لا يمكن الرد على كل فكر بالسلاح، وإلا لم يعد هناك مجال للحوار والخلاف.لقد جاءت هذه الجريمة انتقاما من المسلمين لا للمسلمين، ولا نعرف كيف وجد هؤلاء المتشددون مبرراتهم لقتل هؤلاء المدنيين العزل، حتى وإن كانوا مخطئين، فلا يجب الرد عليهم بهذا الأسلوب الإجرامي، وربما يستغل هذا الحادث الغادر للنيل من الإسلام أضعاف أضعاف ما تخيلوا أنهم ينتقمون له، وقد يدفع بفرنسا إلى اتخاذ مواقف متشددة من القضايا العربية.لقد أدانت قطر بشدة والعالم هذا الهجوم الآثم واعتبرته منافيا لكافة المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية، وعبّرت عن تعازيها ومواساتها لفرنسا ولأسر الضحايا؛ اتساقا مع مبادئ الإسلام والإنسانية التي تعتبر حرمة النفس الإنسانية أقدس من الكعبة المشرفة، أو كما قال صلى الله عليه وسلم. لقد أظهر هذا الهجوم الآثم الحاجة الماسة لحوار جدي بين الشرق والغرب؛ للقضاء على جذور التشدد في العالم أجمع، لا بالسلاح والقتل، ولعل هذا الحادث يزيد العقلاء والسياسيين والمفكرين قناعة بضرورة علاج الفكر المتشدد من خلال القضاء على أسبابه وجذوره.إن علينا أن نبدأ وسريعا في وضع آليات حقيقية للقضاء على الفكر المتشدد، حتى لا تستمر المشكلة وتتصاعد، خاصة في ظل الوضع الراهن ونمو الجماعات المتشددة على الساحة. ولا بد للمنظمات ذات الثقل الفكري والعلمي في الشرق والغرب من بلورة رؤية لتقديمها للسياسيين ووضعها موضع التنفيذ قبل أن تتفاقم المشكلة ويسقط مزيد من الضحايا الأبرياء.