17 سبتمبر 2025

تسجيل

أداء غير مقنع للبورصات الخليجية في 2011

08 يناير 2012

رغم بقاء أسعار النفط مرتفعة، إلا أنه لم تنجح أسواق المال في دول مجلس التعاون بتحقيق نتائج إيجابية في العام 2011 حيث هبط المؤشر في جميع البورصات باستثناء قطر. وتبين بالدليل الدامغ بأن بقاء أسعار النفط مرتفعة خلال العام لم ينعكس بصورة إيجابية بالضرورة على أداء أسواق المال لأسباب جوهرية أخرى منها تداعيات الأزمات الاقتصادية المختلفة في العالم ما يدل على ترابط البورصات العالمية فيما بينها بطريقة أو أخرى. في التفاصيل، انخفض مؤشر بورصة البحرين بنحو 20 في المائة أي الأسوأ بين أسواق المال في دول مجلس التعاون. وليس من الخطأ ربط هذا الأداء السلبي بشكل جزئي على الأقل بحالة الاحتقان السياسي التي سادت البلاد خلال معظم شهور العام 2011. ولا يبدو في الأفق قرب التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة التي اندلعت منتصف فبراير 2011 بسبب تباين وجهات النظر بين القوى السياسية المطالبة بتعزيز الديمقراطية من جهة والجهات الرسمية من جهة أخرى حول المستقبل السياسي للمملكة. إضافة إلى ذلك، انخفض مؤشر سوق دبي بنسبة 17 في المائة مقابل تراجع أقل في حدود 12 في المائة لبورصة أبو ظبي. أيضا انخفض مؤشر سوق الكويت بنسبة تزيد على 16 في المائة. وتميزت السنة باتخاذ السلطات المالية في الكويت قرارا نوعيا ضد 50 مؤسسة أسهمها مدرجة بالسوق عبر إيقافها المتاجرة بأسهمها بسبب فشلها في نشر الإحصاءات المطلوبة في التوقيت السليم الأمر الذي عكس إصرار الجهات الرسمية على مراقبة وتنفيذ القوانين ما يعزز من سمعة ومكانة البورصة. كما تراجع مؤشر سوق مسقط بأقل من 16 في المائة لأسباب تشمل اندلاع احتجاجات في الربع الأول من العام تطالب بإيجاد حلول لبعض التحديات الوظيفية والمعيشية التي تواجه السلطنة. من جهة أخرى، حدث تراجع قدره 3 لمؤشر تداول الأسهم السعودية ما يعني عمليا ثاني أفضل نتيجة. واستمرارا للأداء السلبي لأسواق المال بشكل عام، انخفضت عوائد الاكتتابات الأولية بنسبة كبيرة قدرها 69 في المائة خلال العام 2011 إلى 844 مليون دولار. ولوحظ شبه سيطرة للسعودية والإمارات على سوق الإصدارات الأولية حيث كان أكبر عائد من نصيب شركة إشراق للعقارات بقيمة قدرها 229 مليون دولار وتلتها شركة حائل للأسمنت بعائد في حدود 131 مليونا. وفي المحصلة، حققت الاكتتابات السعودية عوائد قدرها 461 مليون دولار أي قرابة 55 في المائة من مجموع العوائد الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية الكبيرة للسوق السعودية. وقد حدثت هذه التطورات السلبية رغم ظاهرة تعزيز النفقات العامة فوق المخصصات الأصلية للميزانيات العامة وفضلا عن الأهمية النسبية الكبيرة للمصروفات الحكومية في الاقتصادات الخليجية كونها تشكل في المتوسط نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي. الاعتقاد السائد مفاده وجود علاقة بين زيادة النفقات العامة واتخاذ مستثمري القطاع الخاص قرارات مشابهة لتعزيز مستوى النفقات لكن لا يبدو أن الرسالة وصلت بالشكل المطلوب لأسواق المال. على سبيل المثال وليس الحصر، بلغت قيمة النفقات العامة في السعودية في العام 2011 تحديدا 214 مليار دولار مقابل مخصصات قدرها 155 مليارا عند إعداد الميزانية العامة. وكان لافتا قرار الملك عبد الله بتخصيص مبلغ إضافي على الميزانية العامة قدره 130 مليار دولار للصرف ابتداء من العام 2011 بقصد بناء مساكن جديدة فضلا عن منح علاوات وتسهيلات متنوعة بغية تحسين رفاهية الشعب السعودي. بدورها، قررت سلطنة عمان زيادة مستوى النفقات العامة من 21 مليار دولار إلى 24 مليار دولار خلال 2011 بهدف التكيف مع تداعيات الأحداث الأمنية والسياسية والاجتماعية التي جربتها السلطنة في الربع الأول من 2011 في إطار الربيع العربي.وليس من الخطأ ربط الأداء السلبي لأسواق المال الخليجية بعوامل دولية حيوية تشمل تداعيات أزمة اليورو ومديونية العديد من الدول الأوروبية خصوصا اليونان وتذبذب قيمة الدولار والعجز المالي في الولايات المتحدة. وقد تسببت هذه الأسباب وغيرها في إيجاد حالة سلبية في وجدان المتعاملين في الأسواق، حيث تجلى شأن نشر معلومات أو حدوث تطورات سلبية بخصوص أداء الاقتصاد الأمريكي أو الاتحاد الأوروبي في الانعكاس بشكل مباشر على أداء البورصات الخليجية الأمر الذي يعكس حالة الترابط بين أسواق المال العالمية.ولوحظ في نهاية المطاف في 2011 بأن أداء أسواق المال في أوروبا كان سلبيا خلافا لما عليه الحال مع السوق الأمريكية. ففيما يخص السوق الأمريكية، أغلق مؤشر داو العام 2011 بتسجيل ارتفاع قدره 5.5 في المائة مقابل ارتفاع طفيف مقداره 1.8 في المائة لمؤشر نازدك وعدم حدوث أي تغيير لمؤشر ستاندارد أند بورز. في المقابل، تم تسجيل تراجعات في أسواق المال الرئيسية في أوروبا حيث هبط مؤشر كاك القياسي للأسهم الفرنسية بنسبة تقترب من 18 في المائة مقابل تراجع يفوق 15 في المائة لمؤشر داكس للأسهم الألمانية وقرابة 6 في المائة لمؤشر الفايننشال تايمز للأسهم البريطانية. وكانت أوروبا هي محط اهتمام المستثمرين الدوليين خلال 2011 بسبب معضلة المديونية في بعض الدول الأعضاء في مجموعة اليورو مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا. وقد تطلب الأمر قيام الاتحاد خصوصا الاقتصادات الرئيسية في أوروبا مثل ألمانيا وفرنسا بتقديم معونة مالية للدول الراضخة تحت نير المديونية العامة. قديما قيل: إذا عطست أمريكا فإن أوروبا تصاب بالزكام بسبب الترابط التجاري بين طرفي المحيط الأطلسي. من المؤكد، توسعت الدائرة التي تتأثر بحالة أداء الاقتصاد الأمريكي والأوروبي كوننا نعيش في عصر العولمة.