11 سبتمبر 2025
تسجيلتقوم فكرة الشركة حول تضافر رؤوس الأموال من المؤسسين والمساهمين لتحقيق غرض واحد فقط وهو الربح. وفي سبيل تحقيق هذا الغرض، تقوم الجمعية العمومية للمساهمين – القلب النابض للشركة – بانتخاب مجلس إدارة في سبيل تحقيق تلك الغاية. ومجلس الإدارة ما هو إلا وكيل عن الشركة في القيام لحسابها في إبرام التصرفات القانونية نيابة عن الشركة وجموع المساهمين بهدف واحد فقط وهو زيادة أرباح الشركة. ومجلس الإدارة لا يُفرض فرضاً أو جبراً، بل يقوم على مبدأ الاستثمار والمخاطرة. إذ إن أعضاء مجالس الإدارات هم في حقيقة الأمر المساهمون المسيطرون الذين قاموا باستثمار مبالغ ضخمة لقاء ملكية الأسهم التي تخول لهم الحق في التصويت والحصول على نصيب من الأرباح، وبذلك من يملك الأكثر يملك الأقل ومن يملك الكل يملك الجزء. ولا تثور مشكلة استحقاق مجلس الإدارة للمكافأة في حال حققت الشركة أرباحاً، وقد زادت أصولها وصافي ربحها. بيد أن المشكلة في حال حققت الشركة صافي خسارة محققة، وقد قام مجلس الإدارة بالحضور في ستة اجتماعات على الأقل، وبذل ما في وسعه لتحقيق غرض الشركة وهو الربح. وللإجابة على هذا السؤال ينبغي بيان التالي: أولا: إن مكافأة مجلس الإدارة تنقسم إلى قسمين. الأول يسمى ببدلات حضور الاجتماعات، ويقصد بها بدل محدد قيمته سلفاً يحصل عليه عضو مجلس الإدارة حال حضوره اجتماعات مجلس الإدارة. وهذا البدل ما هو إلا مبلغ مقطوع، ينص عليه في النظام الأساسي، ويجب أن تتم الموافقة عليه من الجمعية العامة للمساهمين. وحسناً فعل المشرع في التعديل الجديد لقانون الشركات 2021 في أن أسند إلى إدارة مراقبة الشركات تحديد حد أعلى لقيمة البدل. حيث تنص المادة 119 من التعديل الجديد 2021: "ويجوز النص في النظام الأساسي للشركة على حصول أعضاء مجلس الإدارة على مبلغ مقطوع في حالة عدم تحقيق الشركة أرباحاً، ويشترط في هذه الحالة موافقة الجمعية العامة، وللوزارة أن تضع حداً أعلى لهذا المبلغ.". القسم الثاني هو المكافأة التي يحصل عليها عضو مجلس الإدارة في نهاية السنة المالية للشركة. وقد حددها المشرع بحد أقصى 5 % من أرباح الشركة بشرط خصم أرباح المساهمين والاستقطاع القانوني للشركة أولاً. بعبارة أخرى، فإن مجموع ما يحصل عليه مجلس الإدارة، في حال حققت الشركة أرباحاً، سواء من بدلات أو مكافآت يجب ألا يجاوز ما قيمته 5 % من صافي الربح بعد الاستقطاعات آنفة البيان. وهنا حقيقة تثار معضلة وهي في حال التوزيع، وفي حال ما وافقت الجمعية العمومية للمساهمين بالتوزيع السخي للمساهمين، مؤداه انخفاض قيمة المكافأة التي يستحقها مجلس الإدارة. والعكس صحيح، فكلما نقص قيمة توزيع أرباح المساهمين، استحق مجلس الإدارة مبلغا أعلى من قيمة المكافأة، إذ إن الأخير لا يستحق المكافأة إلا بعد استحقاقها للمساهمين. ولا يوجد ما يمنع، في حال حققت الشركة خسارة صافية، من حصول مجلس الإدارة من بدلات حضور الجلسات فقط. فبعيدا عن فكرة الأرباح إذ لا مجال للحديث عنها في حال خسارة الشركة، إلا أن بدلات أعضاء مجلس الإدارة لا تثريب من استحقاقهم لها وفق ثلاثة شروط: الشرط الأول: موافقة الجمعية العامة للمساهمين على قيمة البدلات. الشرط الثاني: ثبوت حضور عضو مجلس الإدارة اجتماعات المجلس. الشرط الثالث: لا يجوز لأعضاء مجلس الإدارة أو من ينوب عنهم أو من يمثلهم التصويت لصالح مكافآتهم أو بدلاتهم في الجمعية العمومية. فهذا تضارب مصالح صريح ويلحقه البطلان لا محاله. وعلى ضوء ما سبق، في حال قررت الشركة صرف بدل الحضور لمجلس الإدارة رغم خسارة الشركة، فما هي مصدر تلك الأموال؟ الأموال التي تصرف لمجلس الإدارة في حال خسارة الشركة، واستحقاق مجلس الإدارة بدلات الحضور، فإن البدلات تعد كمصروفات في القوائم المالية وترحل إلى السنة التالية. وحتى أكون دقيقاً، إن ما يستلمه مجلس الإدارة من بدلات في حال خسارة الشركة يضاف إلى الخسارة المحققة سلفاً. ولا يمكن القول إنها من الاحتياطي القانوني إذ إن المادة 185 من قانون الشركات لم تخاطب مجلس الإدارة، بل المساهمين. أخيراً، إن مبادئ الحوكمة الرشدية تقتضي أن مجموع الامتيازات والرواتب والمكافآت وبدلات الحضور التي تتقاضاها مجالس الإدارات والإدارة العليا يجب – في كل الأحوال- ألا تزيد على ما يتقاضاه المساهمون من أرباح.