17 سبتمبر 2025

تسجيل

إشكالية صفقات ذوي العلاقة في البورصة وقانون الشركات التجارية

06 سبتمبر 2023

تُعد الفضائح المالية أحد الأسباب الدافعة لتعديل التشريعات المرتبطة بأسواق المال. والشواهد على ذلك عديدة. فعلى الصعيد الدولي، كانت أزمة النمور الآسيوية 1997 شرارة لإصدار مبادئ حوكمة الشركات من قبل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في عام 1999 والذي تمت مراجعته في عام 2004 انتهاء إلى آخر تحديث في عام 2015. كما أن المشرع الأمريكي أصدر قانون أوكسلي 2002 استجابة لفضيحة شركة انرون للطاقة 2001. أما محلياً، فقانون الشركات التجارية عام 2015، وبالتحديد المادة 18، كانت استجابة لتحدي بعض الشركات المدرجة في بورصة قطر من تطبيق مبدأ التصويت التراكمي لأقلية المساهمين ما بين عام 2013 حتى 2015. أما تعديلات قانون الشركات رقم 8 لسنة 2021 فما كانت إلا استجابة لتصرفات ذوي العلاقة في شركة الخليج التكافلي والذي ترتب عليه عزل مجلس الإدارة من قبل مصرف قطر المركزي. وصفوة القول، إن معظم الأحداث السالف ذكرها، تدور وجوداً وعدماً في فلك ذوي العلاقة، وسطلتهم ونفوذهم داخل الشركة. فكلما كانت سلطة ذوي العلاقة مطلقة، دون قيود تحد من تطاولها على أموال المساهمين، كلما اقترب موعد تبخر أموال المساهمين. وبالتالي، فإن صفقات ذوي العلاقة وتضارب المصالح تعد آفة ما تحاول جل التشريعات كبحها وتقييدها. وحسناً فعل المشرع في وضع تعريف شامل، يحدد الأشخاص من ذوي العلاقة. فعضو مجلس إدارة الشركة، أو الإدارة التنفيذية العليا، أو كان مالكا (5 %) على الأقل من أسهم الشركة، أو كان من أقارب أي من السابقين حتى الدرجة الثانية، وكل شخص اعتباري مسيطر عليه من عضو بمجلس إدارة الشركة أو أي شركة من مجموعتها أو بإدارتها التنفيذية العليا وأقاربهم حتى الدرجة الثانية، أو المشتركة في مشروع أو شراكة من أي نوع مع الشركة أو أي شركة من مجموعتها. والمعيار في تحديد ما إذا كانت الصفقة من قبل ذوي العلاقة من عدمه هي كلمة "ما بين". فإذا كانت الصفقة بين الشركة وبين أحد الأشخاص السالف ذكرهم، فهي تدخل في نطاق تضارب المصالح التي ينبغي أن تكون تحت إجراءات معينة أو كما عرفتها محكمة ديل وير الأمريكية إجراءات مبدأ العدالة أو "entire fairness" والتي بموجبها نبغي على - ذوي العلاقة - أن يثبت هو بأن الصفقة وفقاً لسعر السوق وأنها لصالح الشركة ولا على المساهم أو المدعي اثبات ذلك. إلا أن التشريعات ذوي العلاقة في بورصة قطر محل نظر للأسباب التالية: أولاً: ليست كل المعاملات التي تبرم من قبل ذوي العلاقة تخضع لمبدأ الإفصاح. إذ إن قانون الشركات التجارية، للأسف، قد خلا من نص إلزامي على ذوي العلاقة من وجوب ذوي العلاقة أن يفصح إلى مجلس الإدارة عن الصفقة خلال مدة معينة كما فعلت القوانين المقارنة مثل قانون الشركات في مركز قطر للمال. وبالتالي، قد يتم الإفصاح عن تلك المعاملة بعد مرور عام أمام الجمعية العمومية للمساهمين. وكنتيجة لذلك، يجب على المساهم أن يحضر الجمعية العمومية، ويعترض في محضر الجمعية، ثم بعد ذلك يجوز له رفع دعوى البطلان. إلا أن عبء الإثبات يقع على المساهم في أن الصفقة مخالفة للقواعد الإجرائية أو الموضوعية لقانون الشراكات التجارية لا لمبادئ حوكة الشركات 2016 كون أن مخالفة الأخير لا يستوجب البطلان كأثر حتمي حسب ما هو مقرر في محكمة التمييز. ثانيا: اجراءات فحص صفقات ذوي العلاقة ليست منصفة للمساهم. والأمثلة كثيرة ومنها، إذ إن ملكية الشركات في بورصة قطر تتميز بأنها مركزة في يد المساهم المسيطر. فتكاد لا تجد شركة إلا وهنالك مساهم مسيطر على أغلبية الأسهم والأصوات. وكأثر حتمي المساهم المسيطر يتحكم في عزل وتعيين وتحديد مسار الشركة. الشاهد، بأن المساهم المسيطر يملك تعيين – بشكل مباشر أو غير مباشر – أعضاء مجلس الإدارة المستقلين سواء عن طريق التصويت الهرمي حتى لا يُعرف من صوت لمن. بل إن لجنة الترشيح في مجلس الإدارة - المعنية بتعيين أعضاء المستقلين – لا يشكل المستقلون بها الأغلبية !!!.