13 سبتمبر 2025
تسجيلعلى الرغم من أن عملية طوفان الأقصى والمأساة الجارية الآن في غزة والتي دخلت فعليا إلى حالة الحرب، تشكل تحديا خطيرا لأطراف كثيرة حتى الداعمة لإسرائيل خاصة الولايات المتحدة، إلى جانب كل الدول المجاورة لإسرائيل مثل مصر والأردن. وبعض الشيء تمثل تحديا لإيران ولعدد من دول الخليج. لكن مع ذلك، ثمة بعض الأطراف الخارجية تستفيد وستستفيد الكثير جدا من تلك العملية، ويأتي على رأس هذه الأطراف كل من الصين وروسيا. اتبعت كل من بكين وموسكو السياسة التقليدية المتوازنة المعتادة من كليهما تجاه طوفان الأقصى، وذلك من قبيل الدعوة لوقف إطلاق النار، العودة إلى طاولة المفاوضات، دعم الجهود الإنسانية في غزة، التشديد على حل الدولتين. إذ من غير المتصور والمتوقع أيضا أن تقوم الدولتان بتوجيه إدانة قوية لإسرائيل، وذلك في سياق السياسة المتوازنة التي يتبعانها في المنطقة، إلى جانب بعض الاعتبارات المصلحية الأخرى. ومع ذلك، فالميزة الرئيسية لتلك السياسة المتوازنة تكمن في عدم اعتبارهما لحركة حماس وغيرها من حركات المقاومة جماعات إرهابية. تتلاقى المكاسب الصينية الروسية الناجمة عن الطوفان إلى حد بعيد. ونقطة التلاقي الأساسية تكمن بصورة كبيرة في العامل الأمريكي المتورط بدعمه التام لإسرائيل. من واقع الوجود الأمريكي القوى في المنطقة منذ حرب الخليج الثانية، ثم حروبها الطويلة في أفغانستان والعراق. تيقنت كل من روسيا والصين، خاصة الأخيرة، أن تورط واشنطن في المنطقة يساهم مساهمة قوية في تمكين صعودهما في آسيا، بمجرد انطلاق شرارة طوفان الأقصى، أعلنت إدارة بايدن على الفور إرسال أكبر حاملة طائرات إلى شرق المتوسط، ثم أعلنت عن إرسال حاملة أخرى. ويعنى ذلك، أن واشنطن قد أدركت تماما أن إسرائيل في خضم خوض حرب إقليمية واسعة تتجاوز غزة، ومن المحتمل أن تنجر واشنطن فيها. ويمكن القول، إنه من الواضح جلياً أن عملية طوفان الأقصى ستدوم طويلا وستكون لها العديد من التداعيات الإقليمية. فمن الواضح أن إسرائيل لن تتخلى عن مسعى القضاء على حماس، أو على أقل تقدير طرد حماس من القطاع وتنصيب حكومة جديدة هناك مع سيطرة عسكرية خفيفة على القطاع. ويشى ذلك بعودة قوية للتورط الأمريكي في المنطقة سيدوم بعض السنوات، وبالنسبة للصين وروسيا تخفيف التركيز الأمريكي على آسيا. وبالنسبة لروسيا تحديدا، تقليص الدعم الأمريكي-الغربي لأوكرانيا خاصة العسكري مقابل تحويل كامل الدعم لإسرائيل التي تعد ولاية أمريكية. طوفان الأقصى أيضا أحرج واشنطن بشكل كبير جدا، إذ أظهرت سياسة الكيل بمكيالين لواشنطن فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ففي الوقت الذى لا تتوقف فيه عن إدانة الصين بشأن الانتهاكات المرتكبة بحق الأقلية الإيغورية المسلمة، وإدانة موسكو عن جرائم الحرب في أوكرانيا؛ تتغاضى عن جرائم الحرب الرهيبة التي تقترفها إسرائيل في غزة، وكان قد تجلى ذلك في حادثة قصف كنيسة المعمدانيين في غزة. ويعنى ذلك، أن طوفان الأقصى ستجبر واشنطن التوقف عن توجيه إدانات مستمرة لكل من بكين وموسكو فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان. علاوة على، تقويض القوة الناعمة لواشنطن في العالم والمنطقة، مقابل تعزيز القوة الناعمة لهما خاصة في المنطقة.