26 أكتوبر 2025
تسجيلمن الجميل أن يعي المرء تفضيلاته، وما يليق به ويجدر، وأن يتبصّر في تلافيف روحه، ومهجة قلبه، ليتعرّف على ما يتناغم مع وجدانه. ومن اللافت أن يُدرك الإنسان ما يريده، وما يُشبه روحه، وما يتآلف معه ويُعبر عنه. فلا أبهى من ذاك الشعور الذي يتعرّف الإنسان فيه على نوع الأجواء التي يرتاح فيها، وعلى الأشخاص الذين يناسبون صحبته، وعلى التفاصيل التي تعجبه، وعلى تفضيلاته في كل شيء.. يدركها ويعيها ويبقى متصلاً بها لأنها تتصل بنسائم روحه، ويُزهر معها ورداً عابقاً، ويترنم بها لحناً شجياً مطرباً الأسماع والعقول والأنفس، ويتراقص على نغمها منسجماً مع إيقاعها في حياته، ووقعها على دواخله.. يُكثر منها حسب حاجته، وما يناسب طبعه وطبيعته، وما يليق بمزاجه وميوله واهتماماته. لتصبح كل تلك المنمنمات علامات دالّة عليه، وإشراقة ممهدة لبزوغ شمسه، وطريقاً مُهيأً لخلق الألفة معه.. كما قيل: (من أكثر من شيءٍ.. عُرف به) وليس ذلك من قبيل الترويج أو خلق صور ذهنية مصطنعة، أو النشر لأنماطٍ مُحددة لمصالح ومطامع يُسعى لنيلها أو تقييده في أُطر مُقيّدة، أو تسهيلٌ للحكم على نماذج شخصية معينة! وإنما لتكون شواهد لطيفة على بصمة وجوده، وأثرا يُعرف به إن مرّ دالٌ عليه، وممارسة ما يشبه رقائق روحه، وصفاء طوّيته وإعلان الحب لتفاصيله المحبذة، ودقائقه المُستحسنة، والإشراق بما يشاكله ويجانس طبيعته. لحظة إدراك: من الرقي أن يُدرك المرء دواخله، وأن يتصل بما يشبهه ويحبذه، وأن يتفكّر في أمره فيتبصّر بما يشتهر به، وأن يتخذ لنفسه فسحةً للتدبر في معاني ما يكثر به الاتصال، وما يُعرف به بين الأنام، ليعيد اكتشاف نفسه، ويرجع لتقويم ذاته، فيُبقي فيما حوله نسمةً من أثر مروره، نافعةً طيّبة مباركة، شاهدةً له لا عليه، ويعيد البصر كرّتين للتأكد من صحة المسار، والارتقاء بالذائقة وميل الأهواء إلى الأرقى والأسمى والأبهى والأحسن.