18 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو إيجاد فرص عمل للمواطنين في عمان

07 أكتوبر 2012

يعتبر تحدي إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين من المعضلات الرئيسية التي تواجه المسؤولين في سلطنة عمان. ويعود الأمر لحقيقة ديمغرافية تتمثل بتشكيل المواطنين دون سن 15 عاما قرابة 43 في المائة من السكان وفق أحدث الإحصاءات المتوافرة. وهذا يعني توقع دخول أعداد كبيرة منهم إلى سوق العمل بحثا عن فرص تتناسب وتطلعاتهم. فكما هو الحال مع بقية رعايا دول مجلس التعاون الخليجي يرغب المواطن العماني بالعمل في الدوائر والمؤسسات التابعة للدولة. أما الخيار الآخر فهو عبارة عن العمل في المؤسسات الضخمة نسبيا في القطاع الخاص ربما للحصول على الضمان الوظيفي وما يترتب على ذلك من التزامات. جديد الأمر عبارة عن ظهور أدلة مادية تؤكد توجه السلطات في عمان لمصارعة تحدي إيجاد فرص عمل للعمالة المحلية. والحديث هنا عن إيجاد 56 ألف فرصة عمل موزعة ما بين 36 ألف فرصة في مؤسسات القطاع العام و20 ألف فرصة في القطاع الخاص. لاشك تعد هذه الأرقام ضخمة بالنسبة لاقتصاد يحتل المرتبة الخامسة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية والإمارات وقطر والكويت لكن قبل البحرين. لكن ما يميز التوجه هو تأكيده على إيجاد فرص عمل في جميع ربوع السلطنة المترامية الأطراف. وفي توجه صحيح هناك تقدير لإيجاد فرص عمل خارج العاصمة مثل المدن الصناعية والمناطق البعيدة نسبيا عن البلدات. حقيقة القول لا يمكن توجيه اللوم للسلطات لتبني هذا التوجه بالنظر لاندلاع احتجاجات في الربع الأول من العام 2011 من مدينة صحار الصناعية. وقد شملت مطالب المحتجين والتي جاءت في إطار الربيع العربي ضرورة توفير حلول لبعض التحديات التي تواجه السلطنة منها خلق فرص عمل مناسبة للمواطنين فضلا عن محاربة كافة أشكال سوء استغلال المال العام من قبل بعض المسؤولين المعمرين في السلطة. لاشك يعد موضوع إيجاد فرص عمل حيويا بالنظر لواقع سوق العمل في عمان حيث تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن نسبة البطالة تتراوح ما بين 12 و15 في المائة في أوساط المواطنين المؤهلين للتوظيف غالبيتهم من الإناث. طبعا هناك الكثير من الحالات التي يقرر فيها الإناث ترك القوى العاملة بقصد التركيز على الاهتمام بالمنزل تكرما منهم لتربية الأطفال والأجيال القادمة. كما أن هناك ظاهرة البطالة المقنعة حيث لا يرى البعض من المواطنين بدا من قبول وظائف متدنية نسبيا من حيث المستوى والدفع مقارنة مع المؤهلات والخبرات العلمية للأفراد. البديل هو عدم العمل ما يعد أمرا مأساويا حيث يوفر كل عامل لقمة العيش لأربعة أفراد في المتوسط. اللافت في هذا الصدد هو توجيه البعض للعمل في مؤسسات القطاع الخاص خصوصا بعد تعديل قانون الحد الأدنى للرواتب. وكانت السلطات العمانية قد قررت قبل اندلاع الأحداث في إجراء زيادة قدرها 43 في المائة في الحد الأدنى لأجور المواطنين في القطاع الخاص وصولا إلى 520 دولارا شهريا في إطار تشجيع توجه العمالة الوطنية للعمل في هذا القطاع الحيوي. طبعا الحديث هنا عن الحد الأدنى والذي يضمن سبل العيش الكريم للمواطنين خصوصا للداخلين الجدد لسوق العمل أو غير المهنيين. ومؤكداً: سوف يحصل الكثير من المواطنين على دخل يفوق هذا الرقم. الجدير ذكره بأن المواطنين يستحوذون على نحو 30 في المائة من فرص العمل المتوافرة في مؤسسات القطاع الخاص ما يعني من الناحية النظرية وجود فرص عمل للعمالة المحلية في هذا القطاع الحيوي والذي يعد المصدر الأول للوظائف الجديدة. بيد أن الإحصاءات المتوافرة تؤكد استحواذ العمالة الوافدة على نحو 80 في المائة من فرص العمل الجديدة في القطاع الخاص لأسباب مختلفة منها استعدادهم للعمل بأجور متدنية ولساعات عمل أكثر مما تنص عليه القوانين وفي بيئة عمل صعبة نسبيا فضلا عن حالة الإنتاجية. في المقابل يشكل المواطنون أكثر من 90 في المائة من القوى العاملة في القطاع الحكومي الأمر الذي يعني محدودية وجود فرص عمل جديدة في الدوائر والمؤسسات الرسمية في الظروف الطبيعية. بل تشدد رؤية عمان 2020 على أهمية تقليص حجم الوظائف في المؤسسات الرسمية تماشيا مع مبادئ تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. لاشك من شأن فرص العمل المشار إليها بداية المقال تأخر تحقيق بعض الأهداف الجوهرية على الأقل لفترة زمنية. بالعودة للوراء رويدا قررت السلطات العمانية وفي أعقاب اندلاع الاحتجاجات في 2011 بصرف 2.6 مليار دولار لتغطية تكاليف الزيادة في المعاشات التقاعدية للمدنيين والعسكريين فضلا عن صرف علاوة غلاء إضافة إلى رفع مخصصات طلاب الكليات والمعاهد والمراكز الحكومية. مؤكداً: يعد هذا الرقم كبيرا كونه يشكل حوالي 10 في المائة من مجموع النفقات المقدرة للسنة المالية 2012 لكنه يؤكد وجود قناعة وتوجه لدى السلطنة. وفي خطوة صائبة أخرى تقرر تحويل العلاوة المقدمة للعاطلين ولكل الساعين للحصول على فرص عمل وقدرها 400 دولار شهريا إلى علاوة تدريب للذين يلتحقون بأعمال جديدة. مؤكداً تتمثل الرغبة السائدة للباحثين عن العمل بالحصول على وظائف دائمة. الشيء الجميل هو أن الأوضاع المالية للسلطنة تسمح باتخاذ خطوات غير عادية. والإشارة هنا إلى إعداد ميزانية السنة المالية 2012 بإيرادات في حدود 23 مليار دولار مقابل نفقات قدرها 26 مليار دولار. لكن بات في حكم المؤكد تحويل العجز المتوقع إلى فائض على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا في الأسواق العالمية. فقد أعدت السلطة ميزانية 2012 بمتوسط سعر قدره 75 دولارا للبرميل أي قرابة ثلاثة أرباع متوسط السعر السائد في الأسواق العالمية. ختاما يمكن تقدير توجه السلطنة لحل معضلة فرص العمل.