13 سبتمبر 2025

تسجيل

حكاية الصمود لمريم الملا

07 أغسطس 2018

تطرح الفنانة التشكيلية مريم الملا في عملها الفني الجداري مفهوم الحقيقة في ثقافة احتلال العقول وبصيغة نقدية تلامس واقعها المعاش كمتفاعلة مع محيطها الاجتماعي  المحلي للبحث عن العدالة من زوايا مختلفة وعلاقتها بالطبيعة فلسفيا وواقعيا.وبمفاهيم جمالية جديدة يختلط الذاتي بالذاكرة الجمعية فيمنحنا الحماس والإحساس في رحلتنا الوجودية نحو الجمال والحق والخير. في عملها المقدم في  معرضها الثاني والذي افتتح يوم أمس الأول الأحد الماضي بمبنى 22 بكتارا واحتوى على 30 عملا فنيا وان اخذت الضوء لوحة ترنيمه الصمود وهي الجدارية التي وضعت في صدر القاعة  وهي عبارة عن البحث في جماليات التجريد النابعة من قيم الأشكال الهندسية والتي تتوالد أحيانا، وتارة تتكرر وتتفكك لتتخذ أشكالًا متحركة داخل المساحة، وأحيانا تميل للتسطيح، وأخرى تتخذ حضورها القوي كشكل جسد ثلاثي الأبعاد يتحرك فوق عالم من المساحات المسطحة وإلى الخيل رمزا للولاء والوفاء بالشعب ثم تنقلنا إلى مشاهد تتكشف لنا تفاصليها لمحة تلو لمحة ولن ينسدل الستار عليها إلا بالغلبة الكاملة للإنسان الكامل نحو تحية الوطن والذي عرف فيه الحرية وبألوان مقتصدة تبعدها عن كثافة الوجود المادي إلى ركن حيادي  للونين الأبيض والأسود لدلالتهما الرمزية في التراث؛ فتكون البطولة للون الأدعم. وكما يقول جاك دريد: (إن الفن وعد بالحقيقة). في هذه الجدارية إشارة نقدية بخارطة الطريق وواقعها القادم من وراء هذا الحدث المؤلم والتي لامست الضمير الإنساني وقسمت الحجر والبشر والتي أثارت وجدان الفنانة  مريم كمواطنه قبل ان تكون فنانة  وأشعلت في نفسها سخطا كبيرا على أحداث الحصار مختزلة مرارة الحصار على شكل نشيد ملحمي في جدارية لتوثق ما يحيط بنا من ظروف سياسية واجتماعية وبسر غامض يختفي خلف خطوطها  لتكشف شيئا نسبيا من ثقافتها البصرية عن ربط الروح والحياة بالموت والأرض وعن صدى ملموس ولم تجد وعاء لتعبر عن المحبة والسلام أفضل من الفن . و تعد ترنيمة الصمود أكبر جدارية تشكيلية يتم انجازها وموضوعها الحصار بمساحة 4 أمتار في 3 أمتار. وقد ازدان المعرض بالكلمة الصادقة ليعبر عن التكامل بين اللون و الكلمة من خلال التقاء ريشة الفنانة مريم الملا و كلمة الشاعر راضي الهاجري. وهنا تستقي مريم الملا إلهامها بالتغني بالشعر فتحلق بأشكالها وظلالها وأضوائها إلى عالم نهرع إليه بعيدا عن ضجيجها وأوجاعها؛  وكحالة تنبيه للمجتمع أن الرابط بين البشر هو الود والعدل في تحقيق السلام العالمي وصولا إلى جوهر الحقيقة. وكلما قل العدل في أي مجتمع أدى إلى غياب الكرامة الإنسانية نسبة وتناسبا.