12 سبتمبر 2025
تسجيلفي رسائل تردني كثيرا، يسألني القراء عن تلك الأسماء الغريبة التي أستخدمها في نصوصي الروائية، وأيضا يستخدم مثلها في الغرابة، كثير من كتاب القصة والرواية في الوطن العربي، بمعنى أننا لا نكتب في الغالب أسماء معروفة ومتداولة بين الناس، وإنما نلجأ إلى أخرى ربما يسمع بها القارئ لأول مرة، مما يجعله يتساءل عن مصادرها. من أين أتت، وهل هي ذات دلالة معينة في النصوص؟ في الحقيقة، أن كل كاتب حين يبدأ في كتابة نصه، يندمج في مناخات النص وأجوائه، ومن ضمن ذلك، لا بد من أسماء لشخوص تشبه مناخ الكتابة، أو تنحدر منه، وبالطبع لكل بلد عربي أسماء يعرفها كتاب ذلك البلد، ويستوحون منها أسماء شخوصهم الملائمين لمناخ الكتابة.. وبالتأكيد النص الذي يدور في قرية ريفية لا يمكن أن يستوعب أسماء المدن، والعكس صحيح إذا كان النص تدور أحداثه في مدينة، وحتى داخل القطر الواحد، تجد لكل قبيلة أسماء متداولة، ولكل قرية أو إقليم أسماء تندر في غيره، وهكذا يستوحي الكاتب أسماءه، أو يطلقها على الذين يحس بأنهم يشبهونها وتشبههم. وفي تربتي الشخصية، وهي أحيان كثيرة، أحس بأن شخصية معينة، تشبه اسما معينا، ولا أستطيع أن أنتزعه منها أو أستبدله بآخر، مهما حاولت، أو مهما كان الاسم ثقيلا في النطق، وغير مستساغ، مثلما حدث في حالة حارس البوابة الفندقية(قسم السيد محارب)، في رواية تعاطف، فقد حاولت تغييره إلى اسم أخف، لكنه أبى ذلك التغيير تماما، وهكذا تركته كما هو. أيضا (آدم نظر)، الذي جعلته بطلا لرواية مهر الصياح التي جرت أحداثها في دارفور القديمة، لا يمكن أبداً أن يكون اسمه غير آدم نظر، أو اسم آخر يشبه البيئة التي استوحيت منها الرواية، وإلا لن تكون رواية ناجحة. وهناك استثناءات بالطبع، حين يكتب غريب من المدينة، مثلا بنفس مواصفاته المدينية، في نص يدور في الريف، هنا الغريب لا يشبه البيئة، ولكنه موجود فيها لسبب أو لآخر. ليس الأمر إذن، ولعا بالأسماء الغريبة، وحشدها لإنهاك قارئ، نحن نبحث عنه بشدة في هذا الزمان، حيث خف تهافت الناس على القراءة، ولكن إيحاءات تشبه كتابتنا، ولا بد من تضمينها حتى يأخذ النص دلالته كاملة، وحتى يكون صادقا وأكثر تعبيرا عن المجتمع، وما زلت مقتنعا أن الكاتب مرآة لمجتمعه، وأن الرواية لا تكتب عبثا أو إهدارا للوقت، ولكن بقناعة تامة بأهميتها.