11 سبتمبر 2025

تسجيل

هلك المتنطعون

07 يونيو 2016

ذكرنا أن أحد أسباب الفتور عن الطاعة: الغلو والتشدد في الدين، وهذا أمر جلي وواضح لمن سلك الطريق ثم انتكس، وأقبح منه من شدد على نفسه معتقدا أن هديه أفضل الهدي وإن من خالف فعله قول النبي وفعله! قد هلك من قبل بهذا الصنيع فقال النبي محذرا أمته: (إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) وقال: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثا، والمتنطعون هم: المتعمقون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم، وقد زجرهم النبي بقوله: (لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع، والديارات - رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) وقال ببيان واضح للأمة" (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) وفي القصة التالية ما يجسد خطورة هذا المنزلق، عن أنس رضى الله عنه - قال: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم - في السر، فلما أخبروها كأنهم تقالوها، وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فأصلى الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما و الله إني لأخشاكم إلى لله وأتقاكم له، لكنى أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منى) ، وعن عائشة رضى الله تعالى عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة، فقال من هذه؟ قالت: هذه فلانة تذكر من صلاتها، قال: مه عليكم بما تطيقون، فو الله لا يمل الله حتى تملوا) وكان أحب الدين ما داوم صاحبه عليه) ، (اكفلوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما - قال: كانت مولاة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تصوم النهار، وتقوم الليل، فقيل له: إنها تصوم النهار وتقوم الليل فقال - صلى الله عليه وسلم - : (إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل) .