11 سبتمبر 2025
تسجيلحين يتعلق الأمر برمضان، وتحديداً حين تحين لحظة دخوله علينا كضيف لطالما انتظرناه، تنجرف العقول نحو المسارات التي تُمثل هذا الشهر الفضيل بالنسبة لكل واحد منا؛ كي ينشغل بها بعد أن يكشف عن المُبررات التي تعينه على فعل ذلك؛ ليصبح إقدامه على مساره الذي يفضله معروف النسب، لا حاجة للانشغال بالتعريف به أبداً؛ ليسهل عليه ومن بعد فعل ما يريده دون أن يجد ما يُعطله، فيمضي في طريقه سعيداً بما يفعل من جهة، وفخوراً بعظيم ما يأتي به ويحسب بأنه الأفضل على الإطلاق من جهة أخرى، دون أن يلتفت إلى ضرورة التركيز على حقيقة أن رمضان يُقبل علينا لغاية هي الأولى والأحق بجهودنا (لا) أي شيء آخر يمكن بأن نتقدم به، وهو ما لا يعني التقليل من قيمة ذاك الأمر الآخر وتجاوز ما يتمتع به، ويستحق منا تقديمه، ولكن التركيز على الغاية الحقيقية من زيارة هذا الشهر الفضيل أولاً، ومن ثم التوجه لسواها مما نحتاج إلى الالتفات إليه وتلبيته، ويحظى بمرتبة قد لا تكون الأولى ولكنها تحتاج لأن تكون بعد أن نُحقق الغاية الحقيقية من هذه الزيارة. حين نتحدث عن رمضان تصبح المسارات واضحة كما ذكرت آنفاً، نُحددها نحن؛ لننقسم بعد ذلك ونسير وفق ما نريده، ومما لا اختلاف عليه أننا سننكب على تغذية الجزء الأول والأهم ألا وهو المضمون، الذي ندركه كمسلمين، ونعيش في سبيل تحقيقه، فهو ما يتعلق بتهذيب النفس وتشذيب كل ما فيها حتى تصبح بوضع أفضل مما كانت عليه بفضل رمضان، الذي أعتبره محطة لابد منها؛ لتحقيق كل ذلك خاصة وأننا نتجدد فيها ومن خلالها؛ لنخرج منها بقلوب نقية وصافية. والآن وفيما يتعلق بالجزء الثاني ألا وهو الشكل، فإن التركيز عليه ليس بالأمر الذي يستحق منا الانشغال به كل الوقت، غير أنه وللأسف الشديد ما يكون من البعض ممن ينغمس فيه ولدرجة أنه يركز عليه فقط، وذلك بتكريس كل وقته؛ لابتكار ما يجعله يتميز عن أقرانه في مسألة التقدم بأي جديد، وأجده يأخذ حيزاً كبيراً جداً لا حق له بأن يكون، كالتحضيرات التي تسبق رمضان (يُصرف عليها الكثير) وينصرف معها من الوقت ما هو أكثر، وكل ذلك في سبيل توفير الأجواء الرمضانية، التي يميل الاعتقاد إلى أن التحضير لها يكون بتغيير المكان وما يتماشى مع (الجو الرمضاني)، ولنا وقفة هنا مع هذا السؤال: ما الفائدة من التحضيرات التي نصرف عليها وقتنا وجهدنا، ومن ثم ومتى بلغنا وقت الجد والعمل يكون التعب قد أخذ منا ما أخذ؛ لنتأخر عن تحقيق ما يتطلبه منا الشهر الفضيل؟ لاشك أن ما يهم وما يجدر بنا التركيز عليه هو تحقيق ما يتطلبه منا رمضان من صيام وقيام، وطاعات وعبادات تبث الخير في كل مكان نتواجد فيه كمسلمين، وتعود بنفعها علينا وعلى كل من يقوم بها؛ بحثاً عن الأجر والثواب، وهو ما يهرع إليه كل من يدرك عظمة الشهر الفضيل؛ ليتحدد المسار الذي سيسلكه ويصل معه إلى المكانة التي سعى إليها من المقام الأول.لقد قررت تخصيص عمود (كلمات صالحة للنشر) خلال شهر رمضان للتحدث عن المسارات التي نسلكها، وسأخص منها ما يستحق التركيز عليه، والأمل بأن يخرج كل مُتابع بالفائدة المرجوة من هذه السلسلة، وحتى تكون لك مني التالي: حدد المسار الذي تود سلكه، وفكر بما يمكنك اعتماده في حياتك؛ كي ترتقي أكثر، كالتركيز على جزء المضمون، الذي سيجعلك تتقدم بما سيعود بنفعه عليك وعلى الآخرين، وتذكر بأن رمضان هي المحطة التي يتساوى فيها الجميع، فلا تحظى بمكانة أكبر أو مرتبة أعلى إلا بما يشغل قلبك من طاعة متى جئت بأعظمها كان لك عظيم الأجر والثواب إن شاء الله.وأخيراًلا تُجهد نفسك بالتفكير في أي شيء سواها أعمالك التي دخلت حيز (الجد) بدخول رمضان ولا تحتاج منك الآن إلا التنفيذ، فالوقت يمضي وما يرحل منه لن يعود، وتأكد أن الثلث الأول من هذا الشهر الفضيل سيطوي صفحته قريباً، فهل أنت مستعد لذلك؟