18 سبتمبر 2025
تسجيليقدم مؤشر تطوير التجزئة العالمية لعام 2015 تقييما لجميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء البحرين، ويبدو أن للأمر علاقة بحجم السكان والسوق. التقرير السنوي والذي انطلق في العام 2002 مصدره شركة الاستشارات الإدارية العالمية (أي تي كيرني)، حيث يعد المؤشر السنوي مرجعا لتقارير البيع بالتجزئة. يركز التقرير على أداء أفضل 30 اقتصادا في البلدان النامية، فيما يخص القدرة على استقطاب الاستثمارات في مجال التجزئة. تتضمن الدول المشمولة في التقرير كلا من الصين والهند والبرازيل وروسيا وماليزيا والسعودية وقطر والإمارات.يمنح المؤشر الدرجات استنادا لأداء الاقتصادات على أربعة متغيرات، وهي عبارة عن جاذبية السوق، والمخاطر القُطْرية، وتشبع السوق وضغط الوقت. بمزيد من التفاصيل، يهتم متغير جاذبية السوق في المقام الأول بالبيع بالتجزئة للفرد الواحد ويشمل السكان، بالإضافة إلى كفاءة الأعمال.بدوره، يتضمن عنصر المخاطرة وبشكل أساسي، الأداء الاقتصادي الشامل، والديون، والتقييم الائتماني والحصول على التمويل المصرفي. كما يتعلق متغير تشبع السوق بأمور مثل تجارة التجزئة الحديثة، وتوافر العلامات التجارية العالمية، وحصة العلامات التجارية الرائدة من السوق المحلية. وأخيرا، يأخذ متغير ضغط الوقت بعين الاعتبار مبيعات التجزئة الحديثة في سياق التنمية الاقتصادية العامة.ففيما يخص ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي، حطت اقتصاديات كل من قطر والإمارات والسعودية وعمان والكويت في المراتب 4، 7، 17، 26 و27 على التوالي. وفي هذا الصدد، تم تصنيف قطر والإمارات من بين عشرة تقديرا لأسواق التجزئة النابضة بالحياة في البلدين الخليجيين. من جملة الأمور اللافتة، حصلت قطر على أعلى نقطة ممكنة لعوامل جاذبية السوق، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحقائق المحيطة بمستوى الدخل، فحسب التقرير، يبلغ متوسط الدخل في قطر قرابة 144 ألف دولار بناء على معيار القوة الشرائية. في المقابل، يبلغ متوسط الدخل في الصين حسب المعيار نفسه قرابة 13 ألف دولار، كل ذلك في الوقت الذي تحتل فيه الصين المرتبة الأولى على المؤشر. فضلا عن الدخل، يتميز المواطن القطري برغبة الصرف على المنتجات الفاخرة. يتأثر ترتيب البلدان على مؤشر التجزئة لأمور تشمل المشاريع المستقبلية. بالنسبة لقطر، العمل جارٍ لإنشاء مراكز جديدة للتسوق مثل دوحة فستيفال سيتي، مول قطر ومول الخليج، حيث من المتوقع إضافة مليون متر مربع من مساحات التجزئة، الأمر الذي سوف يشكل نقلة ومنعطفا في مجال التسوق. يبلغ عدد السكان في قطر قرابة 2.3 مليون نسمة، والعدد في ارتفاع مستمر بالنظر لاستقطاب البلاد للمزيد من الرعايا الأجانب وذلك في إطار الاستعداد لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022 وما يتطلب ذلك من إنشاء مشاريع تتعلق بالبنية التحتية، مثل مشروع مترو الدوحة. من جهة أخرى، تسببت تغييرات في طريقة إعداد المؤشر بخسارة الإمارات لتصنيفها كصاحبة أفضل أداء على المستوى الإقليمي. عموما، يمكن تفهم تصنيف التقرير لإمارة دبي بأنها المركز الرئيسي لبيع التجزئة في الشرق الأوسط. وتبين بأن شركة (ميسيز) الأمريكية العاملة في مجال البيع بالتجزئة سوف تفتح أول متاجرها خارج الولايات المتحدة في الإمارات وتحديدا في مجمع في مدينة أبو ظبي. يصف التقرير سوق التجزئة في الإمارات بالسوق المشبعة، الأمر الذي ينال من قدرة حصد النقاط وبالتالي الترتيب. لكن يتبين من التجربة قدرة دخول المنتجات والشركات إلى دبي على سبيل المثال وعدم سيطرة جهات محددة على السوق الخاصة بأي منتج أو صناعة. من المسلم به بأن لدى دبي القدرة على إعادة اختراع نفسها بصورة منتظمة بدل الاعتماد على سوق واحدة أو منطقة معينة، فتجارة إعادة التصدير والتي تشتهر بها الإمارة تصل لمختلف بقاع العالم. ويمكن الزعم بأن طيران الإمارات والاتحاد والعربية وفلاي دبي والموانئ المختلفة والفنادق الكثيرة المنتشرة، كلها تساعد الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص، في الاحتفاظ بموقع متقدم على مؤشر التجزئة. وحسب التقرير، تبلغ قيمة سوق التجزئة في الإمارات نحو 71 مليار دولار، ما يعني حلولها في المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط بعد السعودية والتي تمتلك سوقا بحجم 103 مليارات دولار. وبالسنبة للدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي، تبلغ القيم السوقية لأسواق التجزئة في الكويت وقطر وعمان نحو 16.4 مليار دولار و12.4 مليار دولار و11.9 مليار دولار على التوالي. مؤكدا، تساهم بطاقات الائتمان في عمليات الشراء وخصوصا للسلع الاستهلاكية المكلفة نسبيا.بكل تأكيد، تستفيد السعودية من موسم الحج لتعزيز مكانتها في سوق التجزئة، حيث يعد الطلب سيد الموقف لدى ضيوف الرحمن. كما تحصل سوق التجزئة على دعم إضافي خلال فترة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، والتي تصادف شهر يوليو هذا العام.الأمر الآخر اللافت في هذا الصدد عبارة عن بزوغ ظواهر جديدة بالنسبة لعمليات البيع بالتجزئة في دول مجلس التعاون من خلال قيام شركات مثل (كارفور) الفرنسية بفتح فروع محلية في بعض الأحياء عبر تقديم تشكيلة من العلامات التجارية. ويمكن تفهم سعي الشركات بالوصول لزبائنها المقيمين في مختلف المناطق بدل الانتظار لمجيئهم للفروع في المجمعات في زمن المنافسة. كما ينطبق هذا الكلام كذلك على بعض المطاعم والمقاهي عبر تطبيق المبدأ الموجود لدى المطاعم السريعة، أي التركيز على الفروع. يركز تقرير 2015 لمؤشر التجزئة على المنتجات الفاخرة. ويمكن القول بكل أريحية، بأن بعض العلامات التجارية الفاخرة مثل (بربري) و(لويس فويتون) على سبيل المثال لا الحصر، تعتبر من الأسماء الشائعة لدى الأسر في دول مجلس التعاون الخليجي. بل تتعزز ظاهرة المنافسة بين أصحاب العلامات التجارية للوصول إلى الأسواق الخليجية بالنظر لتوافر الإمكانيات المالية من جهة والاستعداد لصرفها من جهة أخرى.