14 سبتمبر 2025
تسجيلالهدفُ الرئيسُ للرياضةِ هو الـمشاركةُ في بناء الإنسانِ أخلاقياً، وتهذيبِ نفسِـهِ، وإعدادِهِ سلوكياً ليكونَ عنصراً فاعلاً ذا إرادةٍ حُرةٍ خَـيِّـرةٍ في مجتمعِـهِ ووطنِـهِ. ولكننا، للأسف، نلاحظُ بروزَ ظاهرةٍ تعكسُ الصورةَ بشكلٍ سلبيٍّ ليُصبحَ الهدفُ هو الفوزُ في الـمنافساتِ ولو كانَ ذلك على أشلاءِ الروحِ الرياضيةِ.منذ بدايةِ الـموسمِ، وقِـلَّـةٌ من اللاعبين والإداريين لا يَـستنكفون عن تقديمِ أسوأ نماذجٍ للسلوكِ والأخلاقِ الرياضية، فهذا لاعبٌ يضربُ آخرَ، وذاك يسبُّ ويتعنترُ على الآخرين، وثالثٌ يُهدِّدُ الحكمَ ويسخرُ منه، وإداريٌّ يندفعُ إلى الـملعبِ مجادلاً الحكم بعصبيةٍ وشراسةٍ بسبب قرارٍ اتَّـخَـذَهُ، وثانٍ يُجَـرِّحُ الحُكامَ في وسائلِ الإعلامِ ويُشككُ في قدراتِـهِم وأهْلِـيَّـتِـهم للتحكيم، تلميحاً وتصريحاً، وسواها من الأمورِ الـمعيبةِ التي تجعلُنا ننظرُ إلى تأثيراتِها على شبابنا بخوفٍ، لأنها تغرسُ في نفوسِهِـم بذورَ عدمِ احترامِ القِـيَـمِ الـمُجتمعيةِ والقوانينَ ومؤسساتِ الـمجتمعِ الـمَدنيِّ. وللأسفِ، فإنني لاحظتُ حماسةَ بعضِ الشبابِ الصغارِ للتصرفاتِ الـمُسْـتَـهْـجَـنَـةِ لبعض اللاعبينَ والإداريينَ، فيقولون عباراتٍ تكشفُ عن سلوكٍ غير سويٍّ مستقبلاً، أخَفُّـها وَقْـعاً : والله إنَّ اللاعبَ الفلانيَ لا يخافُ أحداً، وليته ضربَ الحكمَ وأدَّبَـهُ. (!!!؟).هؤلاءِ، بسلوكياتِـهِم وأقوالِـهِـم داخل الـملاعبِ وخارجِـها، يُرَسِّـخونَ أسسَ السلوكِ غيرِ السَّـويِّ في نفوسِ الناشئةِ والشبابِ الذين يبحثون عن قدوةٍ في هؤلاء تجعلهم يرفضون الخطأَ لأنه خطأٌ، إلا أنَّهم يصطدمون بالجرأةِ على تخطي الضوابطِ واللامبالاة بالعقوباتِ الـمنصوصِ عليها في حالاتٍ كثيرةٍ، فهل هذا ما يُرادُ أنْ تكونَ عليه أجيالُنا الفَـتيَّـةُ؟ .والـمشكلةُ الأولى التي نواجهُها لا تتمثلُ في السلوكِ غير الـمقبولِ فقط، وإنما في إصرارِ البعضِ على إعلانِ رفضِـهِـم لدورِ لجنةِ الانضباطِ باتحادِ القدمِ وتَحديهم لقراراتِـها. فعلى الرغم من انتقادِنا بشأنِ تهاونِها في بعضِ الحالات وتشدُّدِها في أخرى، إلا أنَّ هؤلاءِ الذين يُعانونَ من تَـضَـخُّـمِ الأنا، لا يريدون أنْ يفهموا أنَّ اللجنةَ هي الشكلُ القانونيُّ لعمليةِ الحفاظِ على الأخلاقِ الرياضيةِ بلوائحَ وقوانينَ مُفصَّلَـةٍ لا يحقُّ لهم تَخَطِّـيها مهما كانت الـمُبرراتُ، ومَـهما ظنوا أنَّ ارتباطَ أسمائِـهم بأنديتهم سيحميهم من تطبيقِها عليهم .أما الـمشكلةُ الثانيةُ، فهي أنَّ الأخلاقَ الرياضيةَ ليستْ مفاهيمَ مُحددةً نستطيعُ فَرْضَـها بقوانينَ، وإنما هي التزامٌ يخضعُ لتقييمٍ ذاتيٍّ، مما يجعل من الحرصِ الشديدِ في السلوكِ والحديثِ أمراً لابدَّ منه لدى اللاعبينَ والإداريينَ ليكون تأثيرُهم إيجابياً في نفوس الناشئةِ والشبابِ. وهذا يدفعُنا إلى مطالبةِ الصحافةِ والإعلامِ الرياضيينِ أنْ يُركِّـزا على انتقادِ الأخطاءِ السلوكيةِ ويتشدَّدا في توضيحِ مخاطرِها على الـمجتمعِ والحركةِ الرياضيةِ. كلمةٌ أخيرةٌ : الأخلاقُ الرياضيةُ كالقاعدةِ القانونيةِ في عموميتِـها وعدمِ جوازِ تَخَطيها مهما كانتِ الدوافعُ والـمبرراتُ.