15 سبتمبر 2025

تسجيل

مي الحبابي ومسؤوليتنا تجاه الإبداع

07 مايو 2013

للحديث تركيبة متناغمة تمزج وبكل حرفية الحروف التي تُشكل منظومة الكلمات بغايتها، والأسلوب الذي تخرج به تلك الكلمات، والتوقيت الذي يناسب لحظة الخروج، وهو كل ما يجتمع ليجعل الأفضل بيننا يجيد ما يفعله، وهو يدرك ذلك تماماً، فهو من لا يتفوه بالأمور التافهة أبداً، ولكنه من يسعى إلى التقدم بكل ما يحمل في قلبه الكثير من الفائدة له ولكل من حوله أيضاً، يُحَمِله على فعل ذلك حبه للخير، والحق أن الوجود مع هذه الزمرة التي ترمز لأعلى درجات الإنسانية، يجعلنا نشعر بالأمان؛ لأننا برفقة من يقدم لنا الكثير بمجرد حديثنا معه، وأهم ذاك الكثير أنه سيتقدم بكل مفيد نحتاجه في حياتنا، يعقبه أنه من سيسلط لنا الضوء على ما يستحق التصحيح؛ كي نهتم به أكثر، ونعالجه بطريقة ستخدمنا جميعاً، والحق أن الوجود مع هذه الزمرة يمدنا بفوائد أخرى منها إننا سنتأثر بأصحابها، وسنميل إلى محاكاتهم وإن جاء ذلك بخطوات بطيئة سرعان ما ستبتلع بعضها حتى لنصل إلى تلك النهاية، التي ستجعلنا أقرب إليهم من حيث الشكل والمضمون، (المضمون)، الذي لن نختلف عليه أبداً، مادمنا أننا نملك عقولاً تعشق الأفضل ولا تبحث إلا عنه وفي كل مكان تصل إليه، وهو ما يهمني بأن أبحث لكم عنه مع كل صباح يشرق بجديد يطل عليكم من خلال هذا العمود، الذي سنسلط ومن خلاله هذا اليوم الضوء على موضوع (الإبداع)، الذي يشغلني بقدر ما يشغل الكثير منكم، ممن يحلمون بحياة تتمتع بجودة عالية تفوح من كل زاوية من زاوياها. حين نتحدث عن الإبداع، فنحن نتحدث عن حالة فريدة من نوعها، ترغب في أن تجد من يقدرها وبحق على أرض الواقع، ولكن ما يفرضه الواقع من تقدير شحيح يمتد إلينا وقد التهمه الخجل، يجبر المبدع الحقيقي على الهروب بإبداعه بعيداً عن ذاك التقدير، الذي يكون غيابه أفضل بكثير من وجوده المُخجل؛ لأنه وإن غاب عنه (أي المبدع)؛ فهو ما سيجعله ينتظر طويلاً، وهو يحمل لذاك التقدير أجمل الأحلام، التي يحلم بها ويتمنى لها بأن تتحقق وتكون، أي أنه كل ما سيجعله يبدع أكثر حتى يحين الموعد، الذي لابد له وأن يكون يوماً ما، يحفزه على فعل ذلك (الأمل) وإن تمكن منه الألم وبوحشية تامة، في حين أنه وإن وجد ذاك التقدير الذي لا يليق بحجم كل ما يتقدم به من إبداع ومنذ البداية، فإنه سيستسلم لخيارات مختلفة ستكون بحسب ما يتمتع به من صبر، وسيكون أتعسها أنه سيتوقف دون أن يُثنيه عن ذلك حبه للإبداع، في حين أن أجملها أنه من سُيضاعف جهده، وسيزيد من قوته؛ كي يعطي أكثر، ولكن في اتجاه آخر سيستفيد منه، وسيخرج بأجود ما لديه؛ كي تنعم الحياة وتصبح أجمل، ولكن ومن جديد في اتجاه لربما لا يمت لنا بصلة، وهو ما سيجعلنا نتنازل عن حقنا من الإبداع، الذي يجدر بنا التمتع والتميز به على اعتبار أنه قد بدأ من هنا، ويستحق أن يستمر هنا أيضاً. منذ أعوام فرض علينا النقاش الذي جمعنا من حول طاولة مستديرة جمعت زمرة من الصحفيين التحدث عن الإبداع، الذي لا يأخذ حقه بما يليق به وكما يليق به لجملة من الأسباب المُبهمة التي تُبيح للمبدع بأن يبحث له عن اتجاه آخر يمكن أن يعرض فيه إبداعاته على أمل أن يظهر له ومن أمامه من سيدرك كل ما يتقدم به؛ ليحثه وبشيء من التقدير الذي سيجود به على فعل المزيد، والاستمرار على ذاك النحو، الذي لن تتنحى معه عزيمته بل ستظل كما هي هذا إن لم يتضاعف حجمها؛ لتدفعه نحو الأفضل دائماً، ولكنه ما سيكون وللأسف هناك وليس هنا، وهو ما قد حَمَلَنا (وما زال يفعل) على السؤال عن السبب الحقيقي، الذي يجعلنا نُحرَم من هذه الطاقات المبدعة، التي لا تطالب إلا بقليل من التقدير والاهتمام،؛ لتبادر بكثير من العطاء الذي يتميز بدوامه واستمرار عجلته بالدوران حتى يصل الإبداع وبسلام تام إلى بر الأمان، حيث نحلم ونريد، ويريد كل من يدرك قيمة الإبداع في كل زاوية من زوايا الحياة، وهو ما قد أخذنا وفي نهاية المطاف (حينها) نحو إجابة جادة، وهي أن التمتع بالإبداع سيكون لنا متى حددنا مصدره ذاك (الإبداع)، وحافظنا عليه، وسمحنا له بالازدهار أكثر وسط بيئة تحُث بل وتُحَمِل على الإبداع الحقيقي، الذي يجدر به بأن يستمر من حيث بدأ، وهي مهمة كل من يتمتع بمنصب يُبيح له اكتشاف المواهب الحقيقية، ومن ثم السماح لها؛ كي تنمو بإبداعها أكثر، وذلك بحمايتها من خلال إزاحة العقبات التي يمكن بأن تعرقل عليها السير، وتتحكم بحركتها، وهي تلك المسؤولية التي لا يمكن التنصل منها، أو الاستخفاف بمهامها أبداً، وإن كان الإبداع في مراحله الأولى ولم تكن ملامحه قد تشكلت بعد؛ لتُعرف ويتعرف عليها المجتمع بمن فيه. بالأمس ولمهمة صحفية كُلفت بها، فلقد اجتمعت بموهبة حقيقية تفوح منها (الوطنية الخالصة)، التي لامست أعمالها التي تعبر عنها، وتألقت بها في مجالها الشعري، الذي وصل بها إلى قمة مُشرفة والحمدلله، وذلك بعد أن تم اختيارها كَمُحكمة بلجنة تحكيم مسابقة (سيف القصيد) في المملكة العربية السعودية، التي ستبدأ هذا اليوم، والتي غادرتنا؛ كي تلبي بذلك تلك الدعوة، وهي تحمل في قلبها حلماً بسيطاً يحلم به أي مبدع، وهو أن تجد تقديراً يوازي جهودها التي سمحت لها بالمشاركة في تلك المسابقة كَمُحكمة نالت ذاك الحق؛ لأنها تستحقه وبجدارة، وتستحق وفي المقابل من يقابل هذا الحدث بما يليق بكل ما تقدمت به من أجل الجميع. إن مشاركة الشاعرة القطرية مي الحبابي كَمُحَكمة إضافة حقيقية لها ولنا أيضاً.