17 سبتمبر 2025

تسجيل

تعددت الأسباب .. والنفي واحد

07 مايو 2013

في التغريبة السورية يجد القارئ عشرات الأسماء المبدعة التي آثرت النفي الاختياري، قبل أن يبدأ الحراك السوري، ولعلّ المتأمّل في جسم المشهد السوري الجديد سيجد أن نسبة من الأسماء المهمة والمجتهدة تعيش خارج البلاد، لأكثر من سبب رغم أن المنفى واحد، بحسب الشاعرة الكويتية سعدية مفرح. ويعجب المرء عندما يعرف أن أهم شعراء سوريا وأدباءها الذين وسموا في القصيدة العربية كانوا مغتربين، " نزار قباني- أدونيس، عمر أبو ريشة، سليمان العيسى، عادل قرشولي، مردوك الشامي، زهير غانم.. مثالاً". وفي الدوحة كان الشعراء السوريون الشباب جسم جماعة قلق الشعرية ومنهم إسماعيل الصمادي وبسام علواني وعبدالله الحامدي وماجد قاروط ومحمد مصطفى حسين، وفي الإمارات العربية المتحدة أسهم ويساهم حسان عزت وحسين درويش وغالية خوجة وعبد الرزاق درباس وإبراهيم اليوسف وياسر الأطرش وغيرهم في إثراء المشهد الأدبي من خلال عملهم في المنابر الثقافية هناك، وفي الكويت يقيم منذ زمن طويل الشاعر ركان الصفدي والكاتبة سوزان خواتمي، وفي مصر الشاعر خلف علي الخلف، وكان يقيم قبلها في السعودية ومعه الشاعر إبراهيم قعدوني ومروان خورشيد، وفي تونس ظل هناك ولأكثر من عقد الشاعر هادي دانيال، وفي أوروبا الغربية وكندا نمرّ بأسماء مروان علي وكاميران حوج وخليل النعيمي وحسين الشيخ وفرج بيرقدار ومرام مصري وجاكلين سلام.. وغيرهم كثير وكثير ممّن ذاقوا طعم الغربة، لا يكاد يمرّ يوم إلا وشاهدت لأحدهم أو بعضهم نصاً في جريدة، أو خبراً عن نشاط، وقد ذكر في التعريف أنه: " سوري مقيم في.........". ومع الكارثة الدموية التي لا تزال تحط رحالها، أمست التغريبة السورية وجعاً مشتركاً بين أبناء البلاد، فلا توجد عائلة سورية اجتمعت على مائدة منذ عامين، ما من عائلة إلا فقدت شهيداً أو شريداً، إن لم تكن العائلة ذاتها استشهدت أو تشردت، وكان نصيب الأدباء كذلك وقد قضي شهيداً على يد القتلة الكاتب إبراهيم خريط والشاعر محمد وليد المصري، وتشرد معظم شعراء البلاد في الداخل والخارج، فإلى الجزائر غادر المسرحي نجم الدين السمان، وإلى الدوحة غادرت الشاعرة ابتسام الصمادي، وإلى أبو ظبي غادر الكاتب رياض نعسان آغا، وإلى الأمصار المختلفة غادر عبدالقادر الحصني وعمر إدلبي وعبدالناصر العايد وعمر سليمان ومحمد جمال الطحان وغيرهم. صار أمام السوري وجبته التراجيدية الخالصة، وصار أمام كتابه وشعرائه مادّة دسمة ليكتب فيها ما يشاء، عن مأساته مع النظام والمعارضة والعالم بأسره، عن اللاجئين والمخيمات، عن الفقر والجوع، عن الموت المجاني بكلّ أشكاله، عن الحقد الذي يصل إلى حدّ القطيعة بين مكونات الشعب الذي كان في بداية الثورة: " واحد –واحد- واحد"، وعن الأمل الذي ننتظره.