16 سبتمبر 2025

تسجيل

ويبقى السؤال إلى متى؟

07 مايو 2012

مزْج المعقول بغيره، والمقبول بما يخالفه، يفرز لنا كل ما يثير الدهشة، ويجبر علامات التعجب على التراقص من شدة القرص الذي تتعرض له بسبب وقْع (الصدمة) التي وقعت فيها مؤخراً، وذلك حين شهدت مزْجَ ما يُعقل بغيره مما لا يُعقل، وذاك الذي يُقبل بما لا يُقبل، حتى كانت النتيجة فوز من لا يستحق بما يستحقه غيره. إن جوهر الحديث الذي سنتطرق إليه اليوم هو الوضع العام لكثير من الأمور التي كنا ومازلنا نتعرض لها، وكل ما نفعله ويخرج منا كردة فعل، هو تجاهلنا المتقلب لها، الذي ومع مرور الوقت يتفاقم؛ ليتفاقم الوضع أكثر وأكثر، حتى ليصل إلى مرحلة أكثر صعوبة بسبب ذاك التجاهل، الذي يغدو مع الوقت عادياً ومتوقعاً، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، ولكننا سنكتفي بالتالي: 1 — تزايد الشخصيات التي تتسابق على الظهور والحضور الإعلامي في كل مناسبة، تأخذ حيزها من الواقع؛ لتأخذ مكانتها في المجتمع وتفرض وجودها على الآخرين، ممن يحسبون بأنها قادرة على التغيير والتأثير، وإن لم تكن كذلك بتاتاً، فتجدها وقد قررت الوقوف أمام وجه الإعلام؛ لتتحدث فيما تدركه وما لا تدركه، فكل ما يهم هو أن (تثرثر) دون فائدة تُذكر، في حين أن من يملك المعرفة التامة، والخبرة الكافية، والخطط الناجحة التي تدخل في عداد الخطط الإصلاحية، لا يرغب في تسليط الضوء عليه من باب التعرف عليه أكثر، وعلى تلك الخطط التي ستغير وستؤثر في المجتمع وبشكل جلي، وكل ذلك؛ لأنه يطمح لإنجاز الكثير، بعيداً عن تلك الضجة التي يتسبب بها من لا هدف له في هذه الحياة سوى تسليط الضوء عليه، وذكر اسمه Continuously ودون توقف يسمح لشاشة العرض بعرض غيره من الناس، حتى صار صغارنا يدركونه تماماً، ويتفاخرون به دون أن يعلموا حقيقته الحقيقية، ويبقى السؤال: إلى متى ستستمر هذه المهزلة؛ ليقف الأصلي والأصيل في الخلف، ويتقدمه ويقف من أمامه ذاك المزيف؟ ذاك الذي يدعي النبل والأصالة، ولكن بمجرد أن يظهر من أمامه من يدرك حقيقته حتى يقرر محاربته بسلاحه الفاسد؛ ليبدو أمام العالم كله وكأنه ضحية فساد، توجب عليها القضاء على كل من يقف بوجه الإصلاح؟ 2 — تمادي المدير الذي ينهال على الموظف بأوامره التي تبدأ ولا تنتهي فقط؛ كي يذكره بأنه (المدير)، وأنه صاحب السلطة المطلقة في العمل، ولا حق لمن هو أقل منه مكانة بالتعدي عليه، من خلال تقديم أي مقترح من المقترحات، وإن كانت تلك التي ستطور العمل للأفضل، بدلاً من اعتماد تلك التي (أكل عليها الدهر وشرب)، ويخلص المدير على أن يستمد منها ما يحتاجه لعمله؛ ليحرص بذلك على قتل الإبداع في قلب الموظف، والقضاء على صوته قبل أن يصل إلى الآخرين، ويبقى السؤال: إلى متى يا مدير ستظل كما أنت؟ أم أنك تحسب بأن منصبك قطعة من جسدك، لا تستطيع العيش دونها؟ 3 — تقدير الموظف الفاشل الذي يعتمد على جهود غيره؛ ليتسلق ويصل إلى أعلى المراتب دون أن ينجز شيئاً سوى سرقة غيره، وتقديم كل أفكارهم على أنها بنات أفكاره، التي سبق له أن بذل في سبيل تحقيقها كل جهده، في حين أنه لم يفعل سوى ترقب الوضع وبشكل جيد، ومن ثم الهجوم على ما يريده منهم؛ للحصول عليه، وتقديمه وكأنه إنجازه الخاص، ويبقى السؤال: إلى متى ونحن نسمح لتلك السرقات بأن تكون، دون أن نعاقب من قام بها، فلا يُكررها ويسمح لنفسه بتقديم ما لم يقم به أصلاً؟ 4 — تجاهل كل ما سبق، رغم أننا ندرك وجوده، ونمقته، لكن دون أن نأخذ منه موقفاً فعلياً تغلبه الأفعال لا الأقوال؛ لنحقق العدالة المرجوة، ويبقى السؤال: إلى متى، ونحن ندرك الحقيقة دون أن نعترف بأنها كذلك؟ كلمة أخيرة الحق في كل زاوية من زوايا الحياة هو كل ما سيعززها، وبالتالي سيعزز موقفنا فيها، وكل ما نحتاجه ليتحقق لنا ذلك، هو أن نطالب بالحق دون أن نخجل، ونسمح لمن لا يدرك معنى الخجل بأن يتمادى عليها، وعلينا أكثر. فكروا جيداً، وليوفق الله الجميع.