15 سبتمبر 2025
تسجيلأيام معدودات وسنودع الضيف الربانيّ، مرّ كالبرق الخاطف، طوى معه صفحات خطوطها خرجت عن المألوف والمعروف عند استقبالنا لشهر فضيل، كيف كان سابقًا وكيف أصبح اليوم !! مع أفكار دخيلة شوهت الصورة الربانية القديمة بإطارها الروحاني، واستغلال لحظاته بما يرضي الله ويعطي هذا الشهر قيمته الايمانية، فهو خير من ألف شهر، تسابق في الطاعات والدعوات وتلاوة القرآن، وتسابق في العطايا والصدقات والخيرات للفقراء والمساكين،" لا سهر على موائد بأصناف الطعام، ولا ملابس بأغلى الأثمان، ولا تباهي ولا خيم رمضانية، ولا سهرات على رقص وطرب واحتفالات ومهرجانات، "الكرنكعوه " نموذج للتبذير والتباهي الذي يتسابق عليه الكبار قبل الصغار، هكذا اليوم نستعد لاستقبال رمضان ونتعايش مع روحانيته بفكر عقيم مغلق عن الوعي بعظم هذا الشهر، ورفاهية مفرطة، وقلوب فقدت الانسانية بالآخرين من الجوعى الذين يعيشون تحت خط الفقر الأمرّين، مرارة الجوع والعطش، ومرارة الشتات، نتيجة الحروب والكوارث وظلم وسطوة الحكام. … حين تفتقد الانسانية يفتقد الاحساس بهؤلاء، ويفتقد رمضان هدفه الانساني السامي في تهذيب ورقي النفس واعانتها على الصبر وترك الشهوات وتنمية روح التآخي، لنستشعر بالمحتاجين والفقراء والجوعى، أطفال غزة اليوم نموذج مرئي أمامنا، أهلكهم أخطبوط الجوع، جعلهم هياكل عظمية، يؤلمنا رؤيتهم، وألمنا أكثر حين نرى المفارقات ما بين التبذير والتصوير والتباهي الذي نعيشه اليوم مع شهر رمضان، وما بين الجوع الذي يجثم بمخالبه على أهل غزة، وينهش أجسادهم ويقضى عليهم، أعداد الأموات من سوء التغذية تتزايد وتحت أنظار العالم، ألا نرى المشاهد اليومية خلال قناة الجزيرة من واقع الحدث في غزة المنكوبة، وما خلفه العدوان الصهيوني الغاشم من آثار على البنية البشرية، ثلاث منظمات أممية هي الصحة العالمية واليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي أقرت أن حياة أطفال غزة مهدّدة بسبب ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد. طفل يبحث في أديم الأرض عن فتات من الأعشاب لإسكات اخوانه الجوعى، وآخر يبكي أمام مراسل الجزيرة بأنه جوعان، وآخرون أمام نفايات القمامة لعل هناك أملا بالحصول على فتات من الأطعمة المرمية، "، وآخرون يصرخون للعالم بمطالبة هدنة، وآخرون ينتظرون دورهم بأوانيهم على مائدة الجوع لعل يكون لهم نصيبٌ من المساعدات الغذائية وغيرها من المناظر التي نشاهدها يومياً بقلوب عمياء لا ترى إلا الطريق الذي يسرها ويبعث فيها النشوة والفرحة والتبذير والرفاهية،. هكذا حالنا اليوم، دون مراعاة للإنسانية المحرومة بأبسط حقوقها من ماء وطعام، الكيان الصهيوني يبصم وقاحته على تجويع البشرية في غزة بلا انسانية ولا رحمة، حتى طالت عنصريته وهمجيته قصف قافلة وفد أعضاء منظمة " المطبخ العالمي " لتقديم الاغاثة والمساعدات الانسانية.. ويبقى الإحساس بالآخرين قيمة سامية في النفس البشرية لا يجسدها إلا الواقع في المواقف الانسانية، فكيف وقعها في الشهر الفضيل الذي تتضاعف فيه الأجور والحسنات،، وها نحن رأينا كيف غامر فريق طبّي كويتي بالوصول إلى غزة لمعالجة المرضى وضماد جراحهم واجراء العمليات لانقاذ ما يمكن انقاذه تدفعهم الانسانية قبل الخطورة،، موقف انساني استثنائي وفي شهر فضيل، وجريمة حرب ترتكبها الصهيونية أبرزت همجيتها ووقاحتها وعدم انسانيتها، وما زالت مستمرة، وما زال احساسنا العربي على مائدة المصالح والتبذير والترفيه والتباهي وعرضها علي شاشات التواصل المجتمعي، والإنسانية في غزة تحتضر من سوء التغذية وانعدامها، هل نستشعر ونعتبر. !!!!